مصداقا ، وأمّا إذا لم يكن كذلك بل كان من باب الخطأ في حدّ مفهوم اللفظ ـ كما هو الحال في أمثال المقامات ـ فالبيان الشرعي أيضا لا يوجد لصرف اللفظ عمّا هو الظاهر فيه بزعم المستعمل إلى المعنى الشرعي ، بل يكون حاله حينئذ حال ما لو كان ما قرّره الشارع من الأعمال تعبّديا فعلى هذا ، التفصيل المذكور لا ينفع بالنسبة إلى أمثال المقام بل المتّبع مطلقا منظور العامّة ومقصود الواقف يكون صحيحا ، والله العالم.
السادس : لو كان لفظ «الوقف» إنّه : وقفت على أولادي نسلا بعد نسل وبطنا بعد بطن ، هل تقتضي ظاهر هذه العبارة التشريك أو الترتيب؟ الّذي أفتى به جماعة من الأساطين ممّن عاصرناهم هو الأوّل (١) ، وهو الأقوى وذلك بوجهين :
أمّا أوّلا : فلأنّ الأمر دائر بين أن تكون عبارة الذيل وهي قوله : (نسلا بعد نسل) قيدا للأولاد ، أو لكلمة «وقفت» ، فعلى الأوّل الّذي مقتضاه التشريك ، حيث إنّه حينئذ يصير بيانا للأولاد ، والمراد بها جميع الطبقات ، يلزم تقييده فقط ، ويبقى جملة «وقفت» على إطلاقها ، ولا يلزم فيه تقييد إذ بإنشاء واحد أوقع الوقف على الجميع ، بخلاف ما لو حملناه على الترتيب فلا محيص حينئذ عن جعل القيد قيدا لوقفت ، بحيث يكون الوقف على كلّ طبقة من الأولاد مترتّبا على الطبقة السابقة ، وهذا لا يمكن إلّا بأن يكون إنشاؤه مترتّبا ، وهذا يلزم تقييد لفظة الأولاد أيضا وحملها على الترتيب ، فكما أنّ الإنشاء لا يعقل أن يتعلّق بالطّبقات المتعاقبة على نسق واحد ، فهكذا لفظ الأولاد قهرا يقيّد ، ولا يمكن إرادة المجموع منه فحينئذ يصير المقام من قبيل دوران الأمر بين تقييد الهيئة
__________________
(١) انظر! الحدائق الناظرة : ٢٢ / ١٧٢ و ١٧٣.