المباشر وإقامة غيره مقامه وينوي في ذلك تقرّب المنوب عنه كالزكاة ، لكن يشترط أن لا يكون واجبا على النائب ولو كفائيّا ، وإلّا لم يجز التوكيل فيه.
وقيل : إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من هذا القبيل لو لم يكن واجبا على النائب ، لكنّه محلّ نظر ، لأنّ هذا التوكيل نوع من الأمر بالمعروف لا استنابة فيه ، فتدبّر!
وأمّا الحجّ الواجب ، فالمقصود والأثر المترتّب عليه هو إنفاق المال في هذه الجهة وإذلال النفس والانقياد بإتيان الواجب بنفسه ، فلا تجزي الاستنابة ؛ لعدم حصول الغرض بتمامه فيها ، وقصد القربة من النائب ، بعد ما كان التقرّب غير حاصل إلّا من المباشر ، غير مفيد له.
نعم ؛ لو عجز بنفسه سقط الغرض الأخير ، فيحصل التقرّب ولو بفعل غيره ، ويترتّب عليه الغرض الأوّل ، فينوي النائب القربة في حجّه ويترتّب عليه تقرّب المنوب عنه عكس الزكاة ، إذ التقرّب بهذه الأفعال تابعة لصدورها أوّلا وإلى السبب المنتسبة إليه هذه الأفعال ويشير إلى هذا ما ورد من أنّ للنائب تسعة أعشار أجر الحجّ وثوابه ، وللمنوب عنه والسبب أجر (١).
وأمّا الحجّ المندوب ، فلمّا كان أصل الحجّ هو زيارة بيت الله جاز التوكيل فيه كسائر الزيارات المستحبّة ، والسرّ في ذلك أنّ الزيارة مركّبة من امور : طيّ الطريق ، وإبلاغ السلام ، والإهداء.
فأمّا طيّ الطريق ؛ فحيث إنّ الغرض منه التوصّل إلى الأمرين الأخيرين كان مقتضى الأصل جواز الاستنابة فيه ، إلّا أن تكون أصل الزيارة واجبا ،
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١١ / ١٦٥ الحديث ١٤٥٣٧.