لا يوجب تحقّقه في الخارج قبل إيجاده المكلّف [به] ، فالخارج ظرف لسقوط المأمور به لا لثبوته ، فإذا امتنع وجود المأمور به في الخارج قبل إيجاده فلا يتصوّر في الأحكام التكليفيّة ما هو الملاك في معنى الدين وصدقه ، بل هو مختصّ بالوضعيّات الّتي لها نحو ثبوت واعتبار وجود في الخارج ، بخلاف التكاليف الّتي لا يعقل الوجود لها في الخارج لا في الذمّة ولا في غيرها.
بل بعد تعلّق التكليف من طرف الشارع بها وحكم العقل حينئذ بلزوم الإطاعة ، فحينئذ يعتبر أمر كلّي ليس له مساس بالغير لا تكليفا ولا وضعا ، فلا يطلق الدين إلّا على المال الثابت في الذمّة ـ الّذي قد عرفت أنّ الحكم التكليفي يكون تابعا له ـ لا في الواجبات الّتي يكون بذل المال مقدّمة لامتثالها بلا أن تكون الذمّة مشتغلة بالمال في الحقيقة ، كما في الديون.
أقول : يمكن الدعوى بأنّه كما أنّه عند تعلّق حقّ الغير على الذمّة بسبب أخذ ماله أو التصرّف في حقّه يرى عند العرف اشتغال العهدة بالمأخوذ بحيث يرى لذلك بعناية نقلا على العهدة في الخارج ؛ كذلك بتلك العناية أيضا يرى ثبوت شيء على العهدة عند تعلّق التكليف الشرعي بالشخص ، خصوصا إذا كان متعلّق التكليف هو بذل المال ، ولذلك يعبّر عند تعلّق الطلب ؛ بالتكليف المشتقّ من الكلفة المساوق مع النقل.
وإن أجاب عن ذلك ـ دام ظلّه ـ بأنّ التكليف عبارة عن إلزام العقل في أثر إلزام الشرع.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ إلزامه بالامتثال ليس إلّا أنّه يرى عهدة العبد مشتغلا بالمأمور به عند تعلّق طلب الشارع ، فالتعبير عن التكليف أيضا هو بهذه العناية.