وأمّا أنّ التكليف لا يتعلّق إلّا بما ليس بموجود ؛ فلا ينافي ذلك ما ادّعيناه ، لأنّ امتناع تحقّق المكلّف به في الخارج لا يستلزم عدم اعتبار وجوده (لا يمنع عن اعتبار وجود) على العهدة ، ضرورة أنّ تحقّقها في الخارج يوجب تعلّق الطلب بالموجود ، لا في الذمّة ، كما لا يخفى.
ثمّ أفاد ـ دام ظلّه ـ بأنّه بعد أن اتّضح حال الدين وحقيقته ، وأنّ سنخ وجوده غير سنخ التكاليف والواجبات ، فظهر ذلك أنّ الّذي تقتضيه القاعدة من الحكم بخروج الواجب المالي من الأصل في الأقسام الأربعة من الوصيّة ، هو في القسمين الأوّلين ؛ لما عرفت من تطبيق معنى الدين عليهما ، وأمّا غيرهما محلّ إشكال ، بل الأقوى الحكم في القسم الرابع من الواجبات الّتي تؤول إلى صرف المال بخروجها من الثلث ، ولذلك لو لم يوص بالأوّلين أيضا يجب تأديتهما وإخراجهما من أصل المال ، بخلاف الآخرين.
وأمّا الكلام في النذر فيما لو كان واجبا عليه عتق رقبة ، فأوصى بإعتاقه ـ مثلا ـ أو نذر أن يهب شيئا لأحد ، فأوصى بالهبة.
وبالجملة ؛ فيما لو كان النذر متعلّقا بالفعل فإن قلنا بأنّه يعتبر لنفس هذا الفعل ـ أي الهبة مثلا ـ الماليّة العرفيّة ، كما قيل بمثله في بعض الأعمال أيضا ولو لم تكن بصيغة ، فتصير حكم نذر مثل هذه الأفعال حكم القسم الثاني.
وإن لم نقل بذلك ، بل بني على كون اعتبار الماليّة في نتيجته ، لا في أصل العمل ، فحكمه حكم سائر الواجبات الّتي مآلها يكون إلى صرف المال.
بقي الكلام في تحقيق ما يظهر من بعض الأخبار من إطلاق الدين على