مطلق الواجبات (١) ، فإنّه قد يتوهّم أنّه يستفاد منها كون حكمها حكم الدين ، مثل ما ورد في أخبار الحجّ من أنّه دين الله ودين الله أحقّ أن يقضى (٢).
وقد يجاب عن ذلك بأنّ تنزيل الحجّ منزلة الدين لا يدلّ على كون مطلق الواجبات حالها حال الدين وكونها بمنزلته ، فيمكن أن يكون له نحو خصوصيّة ، بحيث صار لذلك من الوضعيّات حتّى يكون الوجوب التكليفي له منتزعا من الوضع ، ولذلك أجمعوا على كونه مخرجا من صلب المال.
وفيه : أنّه ورد في باب أخبار الصلاة أيضا ما يستفاد منه هذا المضمون ، مثل قوله عليهالسلام : «لا تؤخّر الصلاة فإنّها دين الله» (٣) ، ومن جهة عدم القول بالفصل يتمّ المدّعى في سائر الواجبات.
فحقّ الجواب أن يقال : أوّلا ؛ بأنّه إنّما يتمّ المدّعى إذا ثبت عموم المنزلة ، بمعنى أن يكون التكليف الإلهي مثل الدين في جميع الآثار (٤) ، أي حتّى من حيث اعتبار الوجود لها في الذمّة ، حتّى يكون لازم ذلك تأديته من أصل المال.
ومن المعلوم ؛ أنّه لم يثبت ذلك ، إذ يحتمل أن يكون التنزيل بلحاظ وجوب القضاء فقط ، كما يمكن أن يكون تنزيل الصلاة أيضا بلحاظ عدم جواز تأخيره ، لا من جميع الجهات ، إذ لا يستفاد من التنزيلين عموم أو إطلاق.
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ١٩ / ٤٢٦ الباب ٩١ من أبواب الوصايا.
(٢) كنز العمّال : ٨ / ٤٩٥ الحديث ٢٣٨٠٤ ، تذكرة الفقهاء : ٧ / ٩٩.
(٣) الكافي : ٨ / ٣٤٨ الحديث ٥٤٧ ، مع اختلاف في الألفاظ.
(٤) ويشهد على ذلك أنّهم ما التزموا بمطلق الآثار الّتي للديون العباديّة ؛ للديون الإلهيّة كخروج المستثنيات (كعدم خروج المستثنيات في مثل الكفّارات) في الكفّارات وغيرها ؛ للانصراف وغيره ، كما هو الظاهر ، والمسألة تحتاج إلى المراجعة ، والله وليّ التوفيق ، «منه رحمهالله».