وثانيا : مع تسليم استفادة عموم التنزيل ، يمكن أن يكون ذلك في خصوص الحجّ ، بالبيان الّذي احتمله كلام المجيب ، كما يؤيّد ذلك ورود الأخبار المتظافرة في وجوب إخراجها من صلب المال (١) فتأمّل!
وثالثا : أنّه لا بدّ أن يعلم المراد من أنّ المفضّل عليه المستفاد من لفظ «أحقّ أن يقضى» (٢) أيّ شيء؟ فإن كان المراد تفضيلها على مطلق الديون حتّى حقوق الناس وديون العباد فهو ليس بمراد قطعا ، للإجماع على تقدّم الدين على الحجّ ، فتعيّن أنّ المراد به إمّا التجريد من معنى التفضيل مطلقا ، أو الترجيح على التبرّعيّات ، فيكون المراد : أنّه إذا أوصى بثلث ماله لصرفها في التبرّعيّات والحجّ ، ولم يف ثلث المال بالمجموع ، فالحجّ مقدّم ، فعلى ذلك يسقط الاستدلال بمثل هذه الفقرة على وجوب إخراج الواجب المالي من الأصل ، إذ ليس ناظرا إليه.
أقول : وفيه ما لا يخفى ، لأنّه أوّلا من قال بتقدّم الدين على الحجّ؟ بل الحجّ مشارك مع الغرماء على ما عليه الأصحاب ، وثانيا إنّ الحجّ لا يزاحم التبرّعيّات لو أوصى بصرف ثلث المال فيها ، بل الحجّ عند ذلك يستخرج من الأصل لو لم يف الثلث بهما ، فظهر من ذلك إشكال ثالث ، وهو : أنّه لا مجال لتنزيل هذه الفقرة على مورد الثلث لا الأصل ، مضافا إلى تظافر الأخبار في إطلاق الدين على الحجّ (٣) عند الحكم بوجوب إخراجها من أصل المال ، ولا يختصّ التعبير به بالمضمون المتقدّم ، كما يظهر ذلك لمن راجع أخبار باب الحجّ.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٩ / ٣٥٧ الباب ٤١ من أبواب الوصايا.
(٢) مرّ آنفا.
(٣) مرّ آنفا.