لإثبات الحكم في أصل المسألة أي استصحاب حكم حال الصحّة مطلقا ، وتنقيح المقام موقوف على ذكر جملة من الكلام في أصل الاستصحاب التعليقي.
فنقول : إنّ المستصحب كذلك إمّا هو حكم تكليفي أو وضعيّ ، أمّا في الأوّل ؛ فالاستصحاب التعليقي وجوازه فيه موقوف على ما هو التحقيق عندنا من كون الحكم والإرادة فيها متعلّقة بالصورة الذهنيّة دون الخارجيّة ، إذ قد سبق أنّ تعلّق الإرادة بالخارجيّات يكون تحصيلا للحاصل ، بل إنّما المتعلّق به في الأحكام التكليفيّة هو الخارج الزعمي.
فعلى ذلك ؛ لما كان الموضوع فيها كذلك محقّقا دائما ، ولذلك بنينا في محلّه على عدم صحّة ما هو المعروف من أنّ الواجبات المشروطة بعد تحقّق شرطها تنقلب وتصير مطلقة ، وليس ذلك إلّا توهّم كون متعلّق الأحكام هو الخارجيّات ، ومنها المعلّق عليه في الواجبات المشروطة ، وهذا توهّم فاسد ، بل الإرادة فيها ، سنخها غير سنخ الإرادات المطلقة ، إذ هي في الواجبات المشروطة إنّما هي الإرادة المنوطة ، بمعنى أنّه قد يتعلّق الطلب المطلق بالصلاة ، وقد يكون الطلب مقيّدا بشيء أو حال متعلّقا [بشيء] ، مثل الطلب المتعلّق بالصلاة عند دلوك الشمس ، لا بأن لا تكون الإرادة قبل الدلوك محقّقة ، ولا بأن يكون المتعلّق به ، الدلوك الخارجي ، بل الإرادة من أوّل الإنشاء محقّقة بحيث يرى الدلوك موجودا فعلا ، ففي ظرف وجوده تطلب الصلاة عنده.
فلمّا كانت هذه الإرادة من حين تحقّقها موجودة بلا أن تنقلب عن كيفيّتها من الإناطة وردّ المنوط عليه في ظرف الإناطة ـ وهي عالم الإنشاء ـ مفروض الوجود ، ففي مثل هذه الأحكام والإرادات لا بأس باستصحابها ، ولو لم يكن