تصرّفات الشخص مطلقا ، وفي ذيله : «فإن أوصى فليس له إلّا الثلث» (١) ، وقد أشرنا إلى كون مضمون هذا الحديث نصّا في المدّعى ، فكيف يمكن تقييده بنحو ما ذكر؟ ولذلك قد يتوهّم حكومة تلك الأخبار على هذه الطائفة وتقييدها بالتصرّفات المعلّقة على الموت ، فهي الّتي نفت السلطنة عمّا زاد عن الثلث فيها.
ولكن هذا أيضا فاسد ؛ وذلك ؛ لأنّه إذا كان وقوع متعلّق الوصيّة وتحقّقه بعد موت الموصي لا في حياته ، فمرجع سلب السلطنة عن الإنسان وإثباتها له في ثلث ماله يكون إلى إثبات السلطنة له في ثلث ماله بعد موته ، وهذا لغو غير معقول ، بل لا بدّ أن يلاحظ النفي والإثبات بالنسبة إلى زمن الحياة ، كما لا يخفى.
فإذا انتهى الأمر إلى ذلك فيقع التعارض الحقيقي بين الطائفتين على هذا التقدير ، إذ يكون مفاد أخبار الأصل إثبات السلطنة الكليّة ما دامت الروح في بدن الإنسان ، ومفاد هذه الأخبار هي السلطنة عنه في ما زاد عن الثلث كذلك.
وأمّا على التقدير الثاني ـ وهو أن يكون المراد من النفي في هذه الأخبار نفي الماليّة ـ ولا ريب أنّ ذلك إنّما هو مبنيّ على أن يكون المراد من قوله عليهالسلام : «عند الموت» أو قوله عليهالسلام : «يموت» وغير ذلك من هذه المضامين بعد الموت ، إذ فيه إنّما تنقطع يد الإنسان عن ماله فيصحّ نفيه عنه ، وأمّا قبله فالظاهر أنّ بقاء المال على ملك صاحبه وعدم تعلّق حقّ الورثة به إجماعي ، فعلى ذلك يبقى النفي بحاله على معناه الأصلي من نفي حقيقة الماليّة لا نفي السلطنة باعتبار نفي الآثار ، ويرتفع التعارض أيضا ، إذ يختلف موضوع الإثبات المستفاد من أخبار الأصل والنفي الدالّ عليه هذه الأدلّة ، فيدور الأمر بين أن يرفع اليد من ظاهر
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٩٧ الحديث ٢٤٦٣٦.