كونه نظير قاعدة «الميسور» في باب التكاليف ، من كون ما يأخذه المالك عوضا عن ماليّة ملكه ليس عنوانه عنوان البدليّة ، بل هي غرامة وجبران عن ماله ، بحيث لمّا لم يمكن استيفاء ملكه وماله بماله من الخصوصيّات بجميع مراتب وجوده ، فيتداركه ويأخذه بقدر الميسور منه ، وهو خلاصة ماليّة ، فالمأخوذ الآن بتمام حيثيّات وجوده مرتبطة من عين ماله بنفسه ، فهذا الّذي يقبضه الآن يملكه بتمام وجوده (١) ، لا ماليّته فقط ؛ لما عرفت أنّ عنوانه ليس عنوان البدليّة ، حتّى يفكّك بين جهة الملكيّة والماليّة ، بل المأخوذ مرتبة من نفس وجود المال المغصوب ، وقد قرّرنا سابقا أنّ الماليّة ليست أمرا قابلا للتملّك ، بل هي تتملّك تبعا للملك ، فذلك بشراشر وجوده مملوك لصاحب المال ، لما عرفت من أنّه بحيثيّة وجوده جبران للماليّة الفائتة.
نعم ؛ لمّا لم تكن ملكيّته ملكيّة مستقرّة ، بل إنّما المأخوذ جبران لما فات من الماليّة ما دامت فائتة ، فإذا تمكّن [من] تسليم المال وارتفع المانع فعليه أن يسلّم عين ماله ، فلمّا يسلّم ففي ضمن تسليم العين تلك المرتبطة الفائتة أيضا تسلّم ، فلذلك إلى الغاصب يرجع أيضا ما تدارك به الفائت ، على التفصيل المذكور في باب بدل الحيلولة.
وأمّا الجواب عن الإشكال الثالث فيظهر بعد ذكر مقدّمتين :
__________________
(١) ولذلك يجوز له التصرّف فيه جميع أنحاء التصرّفات ، ولا يتوهّم أنّه حينئذ يلزم الجمع بين العوض والمعوّض ؛ إذ المفروض بقاء خصوصيّة العين المغصوبة على ملكه أيضا ، ورفعه : أنّ الممنوع من الجمع بينهما إنّما هو فيما له الماليّة ، والمفروض لا يعتبر الماليّة للعين المغصوبة ، للحجر عن التصرّف ، فالخصوصيّة إنّما هي ملك محض ، والملكيّة المحضة ليست محلّا لاعتبار العقلاء ، وإلّا فمن هذه الجهة الإشكال بين المشهور ومسلكنا مشترك ، فتدبّر! «منه رحمهالله».