نعم ؛ للثاني أيضا الرجوع إلى لاحقه لجريان عين ما جرى بينه وبين سابقه ، بينه وبين لاحقه كذلك ، إلى أن يستقرّ الضمان في يد من تلف المال بيده ، فليس له الرجوع إلى غيره لعدم عهدة مضمّنة له لاحقة عليه حتّى يرجع إليه ، فهذا سرّ ما ذهب إليه المشهور من كون قرار الضمان بيد من تلفت العين المغصوبة في يده ، فافهم!
وقد يشكل الأمر ؛ في مثل ما لو استقرّ الضمان في يد أحد ، بمعنى أنّه ما أخذ المال عن يده آخر ، بل انتهى التعاقب إليه ، ثم أتلفه أحد الأيادي السابقة الّتي يكون بسبب أخذه سابقا الآن ضامنا ، ففي مثل هذه الصورة ؛ فلو رجع المالك إلى من استقرّ الضمان في يده ، فعلى ما بيّنا من وجه رجوع السابق إلى اللاحق كون اللاحق ضامنا لما في العهدة السابقة ، فليس لليد الآخرة الّتي استقرّ الضمان عليها الرجوع إلى المتلف ؛ لعدم كونه بضمانه الأوّل ضامنا له ، بل هو ضامن لسابقه وصاحب المال ، وبسبب الإتلاف لا يعقل أن يصير ضامنا ثانيا ، لكونه تحصيلا للحاصل بالنسبة إلى المالك.
وأمّا بالنسبة إلى من استقرّ الضمان في يده فأيضا لا أثر له ، بمعنى أنّه لا يصير بذلك عهدته مشغولة باللاحقة ؛ لأنّ المفروض أنّ اليد اللاحقة أيضا ضامن للمتلف ؛ لكون يده سابقا عليه ، فالمتلف بإتلافه وإن صار ضامنا له إلّا أن اليد اللاحقة وقد كانت ضامنا له لترتّب يده على يده ، فتتهاتر العهدتان ويتساقط الضمان من الطرفين ، فلا حقّ لأحدهما على الآخر ، لما عرفت من كون كلّ منهما متعهّدا للخصوصيّة الّتي تكون على الذمّة الاخرى الّتي هي منشأ ضمانهما للمالك وكلّ منهما للآخر.