ولكنّك خبير بأنّ الإشكال إنّما نشأ من المغالطة في تهاتر العهدتين ، وجعل عهدة كلّ من المتلف ومن استقرّ عليه الضمان واشتغال ذمّتهما بالنسبة إلى الآخر متساويا ، مع أنّ الأمر ليس كذلك ، ضرورة أنّ الإتلاف بنفسه سبب للضمان ، ويجعل العهدة مشغولة ، فالعهدة لمن استقرّ عليه الضمان وإن كانت مشغولة لما اشتغلت به عهدة المتلف ، فتصير عهدة المستقرّ عليه الضمان مشغولة بأداء خصوصيّتين : خصوصيّة نشأت من وضع يده على العين المغصوبة ، والاخرى من أخذه عن اليد السابقة الّذي صار ذلك منشأ لاشتغال ذمّته باليد السابقة.
ولكن لا ريب أنّ المتلف بإتلافه اشتغلت ذمّته بهاتين الخصوصيّتين أيضا ، وإن لم تشتغل ذمّته ثانيا بذلك بالنسبة إلى المالك لكونه تحصيلا للحاصل ، ولكن بالنسبة إلى من استقرّ عليه الضمان ليس كذلك ؛ لأنّه بالنسبة إليه لم تكن ذمّة المتلف مسبوقة باشتغال ذمّته له ، بل يصير الآن عهدته مشغولة به.
وأمّا التهاتر ؛ إنّما يلزم إذا كانت العهدتان متساويتين في الاشتغال ، مع أنّ عهدة من استقرّ عليه الضمان لم تكن مشغولة إلّا بخصوصيّتين ، والمتلف بإتلافه يصير عهدته مشغولة بهاتين الخصوصيّتين ، مضافا إلى اشتغال ذمّته الآن بخصوصيّة زائدة عليهما بالنسبة إلى مجموع ما اشتغلت به ذمّة المستقرّ عليه الضمان.
وبالجملة ؛ قاعدة الإتلاف تكون كقاعدة اليد ، فكما أنّها تلاحظ بالنسبة إلى العين بجميع شئونها ، كذلك تلاحظ الإتلاف بالنسبة إلى المال بجميع شئونه ، فالالتزام بضمان المتلف وإن كان بالنسبة إلى العين تحصيلا للحاصل إلّا أنّه بالنسبة إلى مرتبة من المال الّذي اعتبر في ذمّة من استقرّ عليه الضمان ليس تحصيلا للحاصل.