العقلاء من المعنى لهذا العنوان ، فتعرّضوا لتعيين مصاديقه الّتي منها عنوان السبب ، فتأمّل!
ثمّ إنّ الظاهر ؛ أنّ مرادهم من السبب هو معناه الاصطلاحي ، أي ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم ، وضابطه الكلّي لهذا المعنى أنّ سبب الإتلاف هو ما ينتهي إليه موجب التلف ، بمعنى أن يكون هو مستندا إلى اختياره بحيث ولو كان للغير دخلا في التلف ، إلّا أنّ اختياره يكون تحت اختياره ، بأن يفعل عملا يستند التلف إلى عمله عادة ، كأن يحدث بئرا في طريق معتاد من غير أن [يكون العابرون محفوظين عن الوقوع فيه] أو بالوعة من غير أن تجعلها بحيث يكون العابرون محفوظين عن الوقوع فيها ، وغير ذلك من الموارد الّتي لو وقع تلف يكون المحدث موجبا له عادة (١).
إذا عرفت ذلك ؛ فهنا فروع لا بدّ من أن نتعرّضها. الأوّل : ذكر في «الجواهر» أنّ إحداث البئر في غير الملك مطلقا ـ سواء كان عدوانا محضا أو يكون فيه صلاح للمسلمين ـ هل يوجب الضمان لو وقع به تلف ، أم لا؟ ونقل فيه التفصيل عن بعض بين ما كان صلاحا للمسلمين وأحدث في طريقهم ، وما لم يكن كذلك (٢).
والّذي هو بنفسه قوّاه هو الضمان ، بناء على مسلكه قدسسره من الجمود على ظاهر النصّ ، لكونه محدثا في ملك الغير ، أو لكونه مضرّا بطريق المسلمين ، بناء
__________________
(١) ومن المعلوم ؛ أنّه لا يتوقّف في ذلك قصد وقوع التلف ، بل تمام المناط انتهاء الأمر إلى الشخص عادة ، «منه رحمهالله».
(٢) جواهر الكلام : ٣٧ / ٥٢ و ٥٣.