فتدبّر!
ويدلّ على المدّعى أيضاً ما رواه ابن قتيبة في كتاب «الإمامة والسياسة» ، قال : «قال : أبو بكر لقنفذ ـ وهو مولىً له ـ : إذهب فادع لي عليّاً!
فذهب إلى عليّ ، فقال [له] : ما حاجتك؟!
فقال : يدعوك خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال عليٌّ : لَسريع ما كذبتم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ...» (١) .. الحديث.
ومنه يظهر بطلان ما زعمه الخصم من مخاطبة أمير المؤمنين له ب «خليفة رسول الله» ، ولو سُلّم فللتجوّز بابٌ واسعٌ يخرج منه عن الكذب تدعو إليه الضرورة.
كما إنّ التقيّة من دين الله ورسوله ، كما صرّح بها الكتاب (٢)
__________________
الخالِفَةُ : الطالِحُ ، والذي لا غناءَ عنده ولا خيرَ فيه ، والكثيرُ الخلاف والشقاق ، والأحمقُ القليلُ العقلِ ، واللجوجُ من الرجال ، وفاسدُ القومِ وشرُّهم ، وامرأةٌ خالفةٌ إذا كانت فاسدة ومتخلّفة في منزلها.
وأمّا ما ابتدعه ابن الأثير ـ وتبعه بعضُ مَن أتى مِن بعده ـ ، بأنّ أبا بكر إنّما قال ذلك تواضعاً ، فحملٌ للكلام على خلاف ظاهره ، ولا شاهد له ، بل القرائن كلّها على خلافه!
(١) الإمامة والسياسة ١ / ٣٠.
(٢) كقوله تعالى : (لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلاّ أن تتّقوا منهم تقاة ويحذّركم الله نفسه وإلى الله المصير) سورة آل عمران ٣ : ٢٨ ؛ انظر : تفسير ابن المنذر النيسابوري ١ / ١٦٤ ـ ١٦٧ رقم ٣٤٨ ـ ٣٥٦ ، تفسير الطبري ٣ / ٢٢٨ ح ٦٨٢٣ ـ ٦٨٣٠ ، تفسير الفخر الرازي ٨ / ١٤ ـ ١٥ ، تفسير القرطبي ٤ / ٣٨ ، فتح القدير ١ / ٣٣١.