وكيف يُعدّ الطبري من الشيعة وهو من أعلام علماء السنة ، حتّى عدّه النووي في «تهذيب الأسماء» بطبقة الترمذي والنسائي ، وأثنى عليه ، كما نقله السيّد السعيد عنه (١)؟!
وقال ابن خلّكان بترجمته من «وفيات الأعيان» : «كان إماماً في فنون كثيرة ، وكان من المجتهدين ، لم يقلّد أحداً ، وكان ثقة في نقله ، وتاريخه أصحُّ التواريخ وأثبتها» (٢). انتهى ملخّصاً.
وقال الذهبيّ في ترجمته من «ميزان الاعتدال» : «ثقة صادق ... من كبار أئمة الإسلام المعتمدين».
لكن قال الذهبيّ : «فيه تشيّع [يسير] وموالاة لا تضرّ» (٣).
ولعلّ سببه جمعه لطرق حديث الغدير في كتاب سمّاه
__________________
(١) تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٧٨ رقم ٨ ، وانظر : إحقاق الحقّ ٥١٥ الطبعة الحجرية.
ونقول ـ إضافة لِما أفاده الشيخ المظفّر (قدس سره) ـ : إنّ علماء بغداد لم يهجروا الطبريَّ لغلوّه في الرفض أو التشيّع أو التعصّب ؛ بل هجروه لعدم عدِّه أحمدَ بن حنبل من الفقهاء ، ولخلافِه مع أصحاب الحديث في مسائل عقائدية وفقهية ، منها : مسألة اللفظ ، والجلوس على العرش ، وأنّه كان يجيز المسح على الرجلين في الوضوء.
وأمّا اشتهاره بالتشيّع ، فلم يُعرف بها ، إلاّ أنّ كلَّ مَن دوّن فضيلة أو سجّل منقبة لأهل البيت (عليهم السلام) كان يُتّهم بالتشيّع ، ويقولون عنه : إنّه تشيّع.
راجع : تاريخ بغداد ٢ / ١٦٤ رقم ٥٨٩ ، المنتظم ٨ / ٤١ ، معجم الأُدباء ٥ / ٢٤٢ و ٢٥٣ رقم ٨٣٠ ، طبقات الفقهاء الشافعية ـ لابن الصلاح ـ ١ / ١٠٩ رقم ١٢ ، سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٧ رقم ١٧٥ ، طبقات الفقهاء الشافعيّين ـ لابن كثير ـ ١ / ٢٢٦ رقم ٢٣ ، البداية والنهاية ١١ / ١٢٤ ـ ١٢٥ حوادث سنة ٣١١ هـ.
(٢) وفيات الأعيان ٤ / ١٩١ رقم ٥٧٠.
(٣) ميزان الاعتدال ٦ / ٩٠ رقم ٧٣١٢.