فقال : اغسلوا ثوبي [هذا] ـ وبه رَدْعٌ (١) من زعفران ـ ، واجعلوا معه ثوبين جديدين.
فقلت : إنّه خَلِقٌ.
فقال : الحيُّ أحوجُ إلى الجديد من الميّت ، إنّما هو للمُهْلة (٢).
وأقول : لو أوصى أن يُدفن عارياً لكان أَوْلى بمراعاة الأحياء ، مع أنّ الكفن للمهْلة والصديد!
وأمّا ما ذكره من أنّ عمر كان من أكابر قريش وصناديدها ؛ فمحلُّ نظر ..
قال عمرو بن العاص ـ كما في أوائل «العقد الفريد» (٣) ـ : «قبّح الله زماناً ، عمرُو بن العاص لعمرَ بنِ الخطّاب [فيه] عامل ، واللهِ إنّي لأعرف الخطّاب يحمل فوق رأسه حُزمة حطب وعلى ابنه مِثلُها ، وما منهما إلاّ في نَمرة (٤) لا تبلغ رُسغيه».
__________________
(١) الرَّدْعُ : أثر الخلُوق والطِّيب والزعفران والدم في الجسد أو الثوب ، أو اللطخ بالزعفران ، وبالثوب رَدْعٌ من زعفران : أي شيء يسير في مواضع شتّى ، ولطخٌ لم يَعُمه كلّه.
انظر مادّة «ردع» في : النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٢١٥ ، لسان العرب ٥ / ١٨٧.
(٢) المهْلُ والمهْلُ والمهْلةُ والمهْلةُ : القيح والصديد ؛ ويراد به هنا : صديد الميت وقيحه ، الذي يذوب فيسيل من الجسد ؛ وصديد الجرح : ماؤه الرقيق المختلط بالدم قبل أن تغلظ المِدَّة.
انظر : لسان العرب ١٣ / ٢٠٩ ـ ٢١٠ مادّة «مهل» وج ٧ / ٢٩٨ مادّة «صدد».
(٣) تحت عنوان ما يأخذ به السلطان من الحزم والعزم [١ / ٥٦]. منه (قدس سره).
(٤) النّمرَةُ : بُرْدَةٌ من صوف يلبسها الأعراب ؛ وكلُّ شَمْلَة أو حبَرَة مخَططَة من مآزِرِ الأعراب ، فهي نمرَةٌ ؛ لاختلاف ألوان خطوطها بيض وسود ؛ انظر : لسان العرب ١٤ / ٢٩٠ مادّة «نمر».