وقال بعضهم : إنّ رسول الله تكلّم بكلام المرضى ، لا أنّه يريد الكتابة ، كما يقول المريض : ناولوني فلاناً وفلاناً وهو لا يريد (١).
والأوّل أظهر ؛ لأنّ عمر في أيّام صحّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيراً ما يقول له : إفعل فلاناً ولا تفعل فلاناً ؛ وكان رسول الله يوافقه في رأيه (٢).
فكان له هذا المنصب والمقام عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أيام الصحة ، فجرى على عادته ؛ لأنّ الكتابة لم تكن من رأيه كما ذكرنا.
ومَن علم أحوال عمر مع رسول الله طول صحبته لم يتعجّب من هذا.
ثمّ ما ذكر أنّه أراد أن ينصّ حال موته على خلافة عليّ ؛ فهذا من باب الإخبار بالغيب.
ولِمَ لا يريد أن ينصّ بخلافة أبي بكر؟! وقد وافق هذا ما روينا عن عائشة ، أنّه قال : ادعي لي أبا بكر أباك حتّى أكتب له كتاباً (٣).
ثمّ هذا مناقض لِما ادّعاه من النصّ في غدير خُمّ ؛ فإنّه يدّعي النصّ في ذلك المشهد ، ثمّ يقول : إنّه أراد أن ينصّ.
وهذا نِعمَ اعتراف منه بعدم النصّ.
__________________
(١) انظر مؤدّاه في : فتح الباري ٨ / ١٦٨.
(٢) انظر : صحيح البخاري ٦ / ١٢٩ ـ ١٣١ ح ١٩٠ ـ ١٩٢.
(٣) مسند أحمد ٦ / ٤٧.