النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بل آذوه أيضاً ، وأغضبوه ، وغموه ، فكانوا مصداقاً لقوله تعالى : (الّذين يُؤذون رسولَ الله لهم عذابٌ أليم) (١) وقوله سبحانه : (الّذين يؤذون اللهَ ورسولَه لعنهم اللهُ في الدنيا والآخرة) (٢).
وأيضاً خالفوا أمر الله عزّ وجلّ بطاعة نبيّه الكريم (٣) ، ونهيه عن رفع أصواتهم فوق صوته ، وأن يجهروا له بالقول كجهر بعضهم لبعض (٤) ، وسببوا كلّ ضلال إلى يوم القيامة.
وما أعجب قول عمر : «حسبُنا كتاب الله!» ؛ فإنّه من أكذب القول ؛ ضرورةَ عدمِ علمهم منه بكلّ ما تحتاج إليه الأُمة ؛ ولذا قرنه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بعترته فقال : «ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي».
وروى الترمذي في «صحيحه» (٥) ، وحسنه ، عن أبي الدرداء ، قال : «كنّا مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فشخص ببصره إلى السماء ، ثمّ قال : هذا أوانٌ يُختلس العلمُ من الناس حتّى لا يقدروا منه على شيء.
فقال زياد بن لبيد الأنصاري (٦) : كيف يُختلس العلمُ منّا وقد قرأنا
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٦١.
(٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٧.
(٣) إشارة إلى قوله تعالى : (أَطيعوا اللهَ وأَطيعوا الرسولَ ...) كما في سورة النساء ٤ : ٥٩ ، سورة المائدة ٥ : ٩٢ ، وآيات كريمة كثيرة في سور أُخر ؛ انظر مادّتَي «أَطيعُوا» و «أَطيعُونِ» في «المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم».
(٤) إشارة إلى قول الله تعالى : (يا أيّها الّذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيّ ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) سورة الحجرات ٤٩ : ٢.
(٥) في أبواب العلم [٥ / ٣١ ح ٢٦٥٣]. منه (قدس سره).
(٦) هو : أبو عبد الله زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر الخزرجي الأنصاري