الإمامة ببيعة الواحد والاثنين ؛ فلذا خاصم في إتمام بيعة أبي بكر بعدما بايع هو وجماعة ؛ وذلك لأنّ عمر ليس على هذا الرأي ، فإنّه قال في خطبته : «إنّ بيعة أبي بكر فلتة ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ، ولا بيعة له ولا لمن بايعه» ، كما سبق في مآخذ أبي بكر (١).
على أنّه لو كان يرى ذلك ، فغاية ما يلزم أنّه لا تجوز البيعة لغيره ، لا أنّه يجب على جميع الخلق بيعتُه.
وأما إنكار الخصم لإحراق بيت آل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ..
فصحيحٌ ، لكنّ المصنّف (رحمه الله) ادّعى قصدَ الإحراق ، وهو مستفيض في أخبارهم ، كما سبق (٢).
هذا ، واعلم أنّ المصنّف (رحمه الله) نقض على القوم بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قنع بالجزية من أهل الذمة ، ولم يوجب عليهم متابعته ، فكيف استجاز هؤلاء الصحابة قصد أهل البيت بالإحراق لأجل متابعة أبي بكر؟!
ويمكن أن يجيب القومُ عنه بالنقض ؛ بأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قاتل معاوية لأجل المتابعة ..
وفيه : إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قاتل معاوية لعلمه بفساده وإفساده للدين ؛ ولعهد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين (٣) ،
__________________
(١) راجع الصفحة ٣٢ وما بعدها ، من هذا الجزء.
(٢) راجع الصفحة ١٣٢ وما بعدها ، من هذا الجزء.
(٣) مسند البزّار ٣ / ٢٦ ـ ٢٧ ح ٧٧٤ ، مسند أبي يعلى ١ / ٣٩٧ ح ٥١٩ ، المعجم الأوسط ٨ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ح ٨٤٣٣ وج ٩ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ح ٩٤٣٤ ، المعجم الكبير ٤ / ١٧٢ ح ٤٠٤٩ وج ١٠ / ٩١ ـ ٩٢ ح ١٠٠٥٣ و ١٠٠٥٤ ، تاريخ بغداد ١٣/ ١٨٧