المجيد (١) ، وصرّحت به أخبار الحوض (٢).
وإلاّ فلو خضع أُولئك القوم لسلطان الله وأمره بطاعة رسوله ونهيه عن مخالفته ، لَما تخلّفوا عن جيش أُسامة واحتملوا لعنة سيّد الأنبياء.
وقيل : إنّ النبيّ أراد تبعيدهم عن المدينة ؛ لتخلوَ لأمير المؤمنين وتصفوَ له الأُمور (٣).
وأقول : هذا مما اعتقده أُولئك الصحابة ؛ فلذا أصرّوا على الخلاف واحتملوا اللعنة ، ونسبوه إلى الهجر (٤).
ولكنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلم أنّ غاية أمرهم غصب خلافة وصيّه ـ وإنْ خرجوا عن المدينة ـ ، فأراد بيان حقائقهم لأُمّته وكشف حالهم للمسلمين على ممرّ الدهور.
ولكن أين مَن يقرّ له بالرسالة حقاً ، ويعرف أنّ أمره وحكمه من أمر الله وحكمه؟!
وأمّا ما استدلّ به الجزري (٥) ، فقد عرفت بطلانه ؛ لأنّ الأمر بصلاة أبي بكر إنّما هو من ابنته صبح الاثنين ، وأنّ صلاته أوّل فتنة ونار
__________________
(١) هو قوله تعالى : (وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ...) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.
(٢) لقد مرّت الإشارة إلى أخبار الحوض وارتداد جلُّ الصحابة وتخريجاتها مفصلا في : ج ٢ / ٢٦ ـ ٢٧ وج ٣ / ٢٠١ وج ٤ / ٢١٢ ـ ٢١٣ ، من هذا الكتاب ؛ فراجع!
وانظر كذلك : صحيح مسلم ٨ / ١٥٧ ، مسند أحمد ٦ / ٢٩٧.
(٣) انظر : شرح الأخبار ١ / ٣٢٠.
(٤) قد تقدّم تخريجه في ج ٤ / ٩٣ هـ ٢ ، من هذا الكتاب ؛ وسيأتي تفصيل ذلك في الصفحة ١٨٣ وما بعدها ، من هذا الجزء ؛ فراجع!
(٥) تقدّم قوله آنفاً في الصفحة ١٦.