وبالضرورة أنّ من يسمع هذا من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ فضلا عمّا يجده من جهل نفسه ، وكان عنده أدنى حرمة للدين ـ لم يحكم في الجدّ بقضيّة واحدة فضلا عن مئة قضيّة مختلفة.
ويشهد لعدم عنايته بالدين والأحكام ، ما في «الكنز» في قرب الخبر الأوّل ، عن (عبد الرزّاق ، وابن أبي شيبة ،) (١) عن عبيدة السلماني ، قال : «كان عليٌّ (٢) يُعطي الجدّ مع الإخوة الثلث ، وكان عمر يُعطيه السُدس.
فكتب عمر إلى عبد الله : إنّا نخاف أن نكون قد أجحفنا بالجدّ ، فأعطه الثُلث» (٣).
ونحوه عن ابن أبي شيبة ، والبيهقي ، وسعيد بن منصور ، عن عبيد ابن نضلة (٤).
فأنت ترى أنّ هذا لمجرّد التشهّي والاستحسان ، من غير ابتناء على دليل ، فكأنّ الله تعالى قد أوكل الأحكام إلى رغبته ولم يبعث بها رسولا ، أو بعث بها رسولا لكن قدّم هوى عمر!
ومن هذا الباب ما في «الكنز» أيضاً (٥) ، عن ابن أبي شيبة ، عن عبد الرحمن بن غنم ، قال : «إنّ أوّل جدّ وَرثَ في الإسلام عمرُ بن
__________________
(١) كذا في الأصل ، وهو سهو ، والصواب ما في المصدر : «البيهقي».
(٢) كان في الأصل : «أبو بكر» ، وهو سهو ، والصواب ما أثبتناه في المتن من المصدر.
(٣) كنز العمّال ١١ / ٦٠ ح ٣٠٦٢٠ ، وانظر : السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٦ / ٢٤٩.
(٤) كنز العمّال ١١ / ٦٦ ح ٣٠٦٣٧ ، وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٣٥١ ب ٤٤ ح ١ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٦ / ٢٤٩ ، سنن سعيد بن منصور ١ / ٤٩ ح ٥٩.
(٥) ص ١٧ ج ٦ [١١ / ٦٦ ح ٣٠٦٣٨]. منه (قدس سره).
وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٣٥٣ ح ١٣.