وإن كان من عند الله ، فكيف يحكم بخلافه؟!
أجاب قاضي القضاة ، بأنّه قال ذلك كراهة للمتعة ، وأيضاً يجوز أن يكون ذلك برواية عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) (١).
واعترضه المرتضى : بأنّه أضاف النهي إلى نفسه وقال : «كانتا على عهد رسول الله» ، وهو يدلّ على أنّه كان في جميع زمانه حتّى مات عليهما.
ولو كان النهي من الرسول كان أبلغ في الانتهاء ، فلِمَ لم يقل ذلك على سبيل الرواية (٢)؟!
وقد رُوي عن ابنه عبد الله إباحتها ، فقيل له : إنّ أباك يحرّمها؟! فقال : إنّما ذلك عن رأي رآه (٣).
وقد روى السنة في «الجمع بين الصحيحين» ، عن جابر بن عبد الله ، قال : «تمتّعنا مع رسول الله ، فلمّا قام عمر ، قال : إنّ الله كان يُحلُّ لرسوله ما يشاء بما يشاء ، وإنّ القرآن قد نُزّل منازلَه ، فأتمّوا الحجّ والعمرة كما أمركم الله ، وإيّاكم (٤) ونكاح هذه النساء ، فلن أُوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلاّ رجمته بالحجارة» (٥).
__________________
(١) انظر : المغني ٢٠ ق ٢ / ١٩ ، شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢٥٢.
(٢) انظر : الشافي في الإمامة ٤ / ١٩٦ ـ ١٩٧ ، شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢٥٢.
(٣) انظر : سنن الترمذي ٣ / ١٨٥ ح ٨٢٤.
(٤) في المصدر : «وأَبِتّوا نكاح هذه النساء ...».
والبَتُّ : القطعُ المستأصِل ؛ والمراد : اقطعوا الأمر فيه وأحكِمُوا بشرائطه ، وهو تعريض بالنهي عن نكاح المتعة ؛ لأنّه نكاح غير مَبتوت ، مُقدَّرٌ بمدة.
انظر مادّة «بتت» في : النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ٩٢ ، لسان العرب ١ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨.
(٥) الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ ١ / ١٤٦ ح ٩٠ وج ٢ / ٣٤٠ ذ ح ١٥٤٧.