وأمّا ما ذكر من الأحاديث ، فهي مرويّة عن جماعة لم يعلموا أنّ الأمر تقرّر على الحرمة في آخر الأمر.
ونحن نقول : لو كان الأمر على ما يذكره الشيعة ، وإنّ تحريم المتعة كان من قِبَل عمر ، فَلِمَ لم يُحلّلهُ أمير المؤمنين في أيّام خلافته ، وهو كان الإمام المتبوع؟!
ولِمَ لَمْ يعترض علماء الصحابة على عمر؟!
والشافعي كان أعلم الناس بالناسخ والمنسوخ ؛ لأنّه كان قرشياً حجازياً عالماً بجميع الناسخ والمنسوخ ، ولو كان كذلك (١) لم يختر حرمته.
وكذا مالك ، كان عالم المدينة ، ولو كان مِن قِبَل عمر ، وكان تلميذ ابن عمر ، وكان ابن عمر يقول بالحلّية ، فلِمَ لَمْ يختره؟!
وكذا أبو حنيفة هو تلميذ عبد الله بن مسعود ، ولو كان النهي من عمر [فلِمَ] (٢) لَمْ يختر الحلّية؟!
وإجماعُ أكثرِ علماء الإسلام على الحرمة يدلُّ على أنّ الأمر تقرّر على الحرمة.
وأمّا ما ذكر أنّ عمر قال : «أنا أنهى عنهما» ، فالمراد أنا أُخبركم بالنهي وأُوافق رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأمّا قوله : «كانتا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» لا يلزم أن يكون دائماً ، والمفهوم لا يخالف هذا ، كما ادّعاه المرتضى (٣).
__________________
(١) أي أنّ التحريم كان من قبَل عمر.
(٢) إضافة يقتضيها السياق.
(٣) انظر : الشافي ٤ / ١٩٦ ـ ١٩٧.