السنة (١).
وليس عدم استطاعته للعمل بسيرتهما لعجزه عن العمل بالحقّ ؛ لأنّ الحقّ يدور معه حيث دار (٢) ، بل لعدم كونها على الحقّ والصراط المستقيم ، ولذا جعلها عبد الرحمن مغايرةً للكتاب والسنة.
ومن الواضح أنّ ما خرج عنهما ليس من الدين ، ولا على الصراط المستقيم.
وأظهر من هذا الحديث في المدعى ما في «شرح النهج» (٣) ، أنّ عبد الرحمن قال لعليّ : «أُبايعك على كتاب الله ، وسنة رسوله ، وسيرة الشيخين أبي بكر وعمر.
فقال : بل على كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد رأيي.
فعدل عنه إلى عثمان ، فعرض ذلك عليه ، فقال : نعم.
فعاد إلى عليّ ، فأعاد قوله ؛ فعل ذلك عبد الرحمن ثلاثاً ، فلمّا رأى عليا غيرُ راجع عمّا قاله ، وأنّ عثمان يُنْعِمُ له بالإجابة ، صَفَق على يد عثمان ، وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين!
فيقال : إنّ عليا قال له : واللهِ ما فعلتَها إلاّ لأنّك رجوتَ منه ما رجا صاحبُكما من صاحبه ، دقَّ اللهُ بينكما عِطرَ منشِم (٤).
__________________
(١) راجع مبحث حديث «أنا مدينة العلم» في : ج ٦ / ١٧١ ـ ١٨١ ، من هذا الكتاب.
(٢) راجع مبحث حديث «الحقّ مع عليّ» في : ج ٦ / ٢٢٧ ـ ٢٣٤ ، من هذا الكتاب.
(٣) ص ٦٣ مجلّد ١ [١ / ١٨٨]. منه (قدس سره).
(٤) دقَّ اللهُ بينكما عِطرَ منشِم : دعاء عليهما بالتباغض والعداوة ، وأصله : مثلٌ مشهورٌ يُضرب في الشرِّ فيقال : أشأمُ مِن عِطر منشِم ؛ وهي منشِم بنت الوجيه ، العطّارة بمكّة ، من حِميَر ، وقيل في نسبها غير ذلك ، قال الكلبي : هي جرهميّة ،