قيل : ففسد بعد ذلك بين عثمان وعبد الرحمن ، فلم يكلّم أحدُهما صاحبَه حتّى مات عبد الرحمن» ؛ انتهى.
فقد ظهر ممّا سمعتَ أنّ أمير المؤمنين وعبد الرحمن عالمان بمخالفة سيرة الشيخين للكتاب والسنة ودين الله تعالى ، حتّى إنّ عبد الرحمن توسّل إلى دفع الأمر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى عثمان بتلك الحيلة المصطنعة.
ومِن تلك الجهات ونحوِها ممّا أوجب عليه الدخول في الشورى ، يُعلم أنّ دخوله فيها لا يدلّ على إقراره بأنّه غير منصوص عليه ـ كما قيل (١) ـ ، بل احتمال تلك الجهات كاف في رفع الدلالة.
واعلم أنّ الشورى هي التي أطمعت طلحة والزبير بالخلافة وغرّتهما بأنفسهما حتّى حاربا أمير المؤمنين (عليه السلام) بالبصرة ، وهي التي أيقظت بغي معاوية وغيره.
روى في «العقد الفريد» (٢) ، «أنّ زياداً أوفد ابن حصين على
__________________
فكانوا إذا خرجوا للقتال غمسوا أيديهم في طِيبها أو طيّبتهم هي به وتحالفوا بأن يستميتوا في الحرب ، فلا يتطيّب بطيبها أحد إلاّ قُتِل أو جُرح ، فضربت العربُ المثل في التشاؤم بطِيبها ، وقيل في قصّتها غير ذلك.
وقد ذكرها زهير بن أبي سلمى في معلّقته المشهورة بقوله :
تداركتما عبساً وذُبيان بعدما |
|
تفانوا ودقّوا بينهم عِطرَ منشِمِ |
انظر مادّة «نشم» في : الصحاح ٥ / ٢٠٤١ ، تاج العروس ١٧ / ٦٨٨ ، جمهرة الأمثال ـ للعسكري ـ ١ / ٤٤٤ رقم ٨٧٢.
(١) قال القاضي عبد الجبّار : «وكذلك جعلنا دخول أمير المؤمنين في الشورى أحد ما نعتمد عليه في ألاّ نصّ يدلّ على أنّه المختصّ بالإمامة ، وبيّنّا أنّ الأحوال التي جرت في الشورى كلّها تدلّ على ذلك».
انظر : المغني ٢٠ ق ٢ / ٢١ ، شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢٥٦ الطعن التاسع.
(٢) ص ٧٣ ج ٣ [٣ / ٢٨٩]. منه (قدس سره).