لا بيعة له ، وأنّ الشأن فيها أن يترتّب عليها الشرّ!
وأما اعتذار عمر بقوله : «وليس فيكم من تقطّع الأعناق إليه مثل أبي بكر» ..
فإن أراد به أنّ أبا بكر كان مسلّم الفضيلة ، بحيث يؤمن على بيعته الشرّ ، فهو مناف لقوله : «وقى الله شرّها» ؛ فإنّه صريح في أنّها غير مأمونة الشرّ.
وإن أراد به مجرّد أنّه مسلّم الفضيلة ، فهو ـ لو سُلّم ـ لا فائدة فيه بعدما كانت مخطورة الشرّ ، الذي هو المناط في فساد البيعة واستحقاق القتل عليها.
فقد اتّضح أنّ عمر قد طعن بخلافة أبي بكر بما لا يمكن معه الإصلاح!
ودعوى أنّ المعلوم من حاله إعظام أبي بكر ، والقول بإمامته ـ فلا يتصوّر منه القدح فيها ، ولا سيّما أنّ خلافته فرع من خلافته ، فلا بُد من تأويل كلامه ـ باطلة ..
فإنّه لو سُلّم إعظامه له واقعاً ، فطعنه في بيعته ليس بأعظم من طعنه بصلح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الحديبية (١) ، ولا من نسبة الهجر إليه (٢) ، أو نحو ذلك مما كان يفعله مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) (٣).
__________________
(١) انظر : صحيح البخاري ٤ / ٤٠ ـ ٤١ ضمن ح ١٨ ، صحيح مسلم ٥ / ١٧٥ ـ ١٧٦ كتاب الجهاد / صلح الحديبية ، مسند أحمد ٤ / ٣٣٠.
وراجع : ج ٤ / ١٢٦ هـ ٣ وج ٥ / ٢١٣ ـ ٢١٤ هـ ٥ رقم ٥ ، من هذا الكتاب.
(٢) قد تقدّم تخريجه في ج ٤ / ٩٣ هـ ٢ ، من هذا الكتاب ؛ وسيأتي تفصيل ذلك في الصفحة ١٨٣ وما بعدها من هذا الجزء ؛ فراجع!
(٣) انظر : ج ٤ / ١٢٦ ـ ١٢٧ وج ٥ / ٢١٣ ـ ٢١٤ ، من هذا الكتاب.