ضرّ عثمان ما عمل بعد» (١) كاذبان جزماً ؛ لأنّه إذا آمنه العقوبة ، فقد سهّل له المعصية.
ولا يمكن أن يقع مثله من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقّ من ليس بمعصوم أو شبهه ، فكيف يقولُه في حق مَن يجعلُ مال الله سبحانه طعمة للوزغ (٢) وبنيه ، وينتهكُ حرمات الصحابة الأبرار ، كأبي ذرّ وعمار وأشباههما (٣)؟!
على أنّه كيف يتصدّق بهذه الصدقة الكثيرة وقد أشفق أن يقدّم في النجوى الصدقة القليلة الواجبة (٤)؟!
ولِمَ سلّم وقوعُ تلكَ الصدقة منه؟! فمَن يُشفقُ مِن تقديم الصدقة القليلة الواجبة ، حقيقٌ بأن يكون وقوع الصدقة الكثيرة المندوبة منه للسمعة والرياء وطلب الثناء!
هذا حالُ ما انتخبه من أخبارهم ، فكيف حالُ غيرها؟!
__________________
(١) تقدّما في الصفحة ٣٦٨ ، من هذا الجزء.
(٢) الوَزَغُ : دُويبة ، وهي التي يقال لها : سامُّ أَبرص ، سُمِّيت بها لخفّتها وسرعة حركتها.
والوَزَغُ والوَزْغُ : الرَّجفةُ والرِّعْشَةُ والرِّعْدةُ.
والوَزَغُ : الرجلُ الرَّذْلُ النّذْلُ الذي لا مروءة له ولا جلَد.
انظر : مادّة «وزغ» في : غريب الحديث ـ للهروي ـ ٤ / ٤٧٠ ، الفائق في غريب الحديث ٤ / ٥٧ ـ ٥٨ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٥ / ١٨١ ـ ١٨٢ ، لسان العرب ١٥ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨ ، تاج العروس ١٢ / ٧٠ ـ ٧١.
والمراد به هنا : مروان بن الحكم ؛ كما سيأتي بيانه.
(٣) سيأتي تفصيل ذلك.
(٤) إشارة إلى الآية الكريمة (أأشفقتم أن تقدّموا بين يدَي نجواكم صدقات) سورة المجادلة ٥٨ : ١٣ ، ولم يعمل بها سوى أمير المؤمنين (عليه السلام) ؛ راجع تفصيل ذلك في : ج ٥ / ٢٩ ـ ٣٨ ، من هذا الكتاب.