فلم يكلّمه حتّى مات.
ودخل عليه عثمان عائداً له في مرضه ، فتحوّل عنه إلى الحائط ولم يكلّمه» ؛ انتهى ملخّصاً.
وأمّا قوله : «وكلّما يظهر منهم شيءٌ يعزلهم» ..
فكذبٌ ظاهرٌ ؛ وإلاّ فلماذا اجتمع عليه الناسُ من الأطراف النائية حتّى حصروه وقتلوه؟!
وهو لم يعزل من هؤلاء المعلنين بالفسق إلاّ سعيد بن العاص والوليد ابن عقبة ، ولم يعزلهما باختياره.
أمّا سعيد ، فلِما رواه الطبري في «تأريخه» (١) ، أنّه اجتمع ناسٌ من المسلمين فتذاكروا أعمال عثمان وما صنع ، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا إليه رجلا يكلّمه ويخبره بإحداثه ، فأرسلوا إليه عامر بن عبد الله التميمي (٢) ، فأتاه ، فقال : إنّ ناساً من المسلمين اجتمعوا فنظروا في أعمالك فوجدوك قد ركبت أُموراً عظاماً ، فاتّق الله وتب إليه وانزع عنها!
إلى أن قال : فأرسل عثمان إلى معاوية بن أبي سفيان وإلى عبد الله ابن سعد بن أبي سرح وسعيد بن العاص وعمرو بن العاص وعبد الله بن عامر ، فجمعهم ليشاورهم في أمره ، وما طلب إليه ، وما بلغه عنهم.
فلمّا اجتمعوا عنده قال لهم : إنّ لكل امرئ وزراء ونصحاء ، وإنّكم
__________________
(١) ص ٩٤ ج ٥ [٢ / ٦٤٢ ـ ٦٤٣ حوادث سنة ٣٤ هـ]. منه (قدس سره).
(٢) هو : عامر بن عبد الله بن عبد قيس ، أبو عبد الله التميمي العنبري البصري ؛ رووا في زهده ونسكه شيئاً كثيراً ، نفاه عثمان إلى الشام على ظهر قتب لمّا سُعي به إليه ، ومات بها أيام معاوية.
انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٧ / ٧٢ رقم ٢٩٨٩ ، حلية الأولياء ٢ / ٨٧ رقم ١٦٣ ، تاريخ دمشق ٢٦ / ٣ رقم ٣٠٥٢.