وحكمه بعدمِ انعقاد بيعته ظلمٌ له ، ومناف لقولهم بانعقادها ، ووجوبِ ضربِ عنقِ مَن نازعه ، ولزومِ الوفاءِ ببيعة الأوّل فالأوّل (١).
ولعمري ، إنّ من تأمّل الحقيقة ، ونظر بعين الإنصاف إلى تلك المسارعة في حال الاختلاف والنزاع الشديد بينهم وبين الأنصار ، عرف منهم عدم المبالاة بذهاب الإسلام في سبيل احتمال تحصيل الإمرة!
ثمّ إنّ الوجه في قول المصنّف لارتكاب أحدهما ما يوجب القتل ، ظاهر ؛ لأنّ حكم عمر بوجوب القتل وبطلان البيعة إنْ طابق الواقع ، كان أبو بكر مستوجبَ القتل غيرَ صحيح الإمامة ، وإلاّ كان عمر هو المستوجب للقتل ؛ لقوله تعالى : (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأُولئك هم الكافرون) (٢).
وحكمه ليس عن خطأ ، بل تبعٌ لهواه ، ولأنّه بايع أبا بكر على النحو الذي حكم هو بوجوب قتل المبايع!
__________________
(١) قوله (قدس سره) : «ووجوبِ ضربِ عنقِ ...» معطوفٌ على قوله : «بانعقادها» ؛ والمعنى : أنّ الحكم بعدم انعقاد البيعة فيه ظلم ومنافاة بين قولهم الأوّل بعدم الانعقاد ، وبين قولهم الثاني بالانعقاد ووجوب ضرب عنق من ينازع ولزوم الوفاء بالبيعة.
(٢) سورة المائدة ٥ : ٤٤.