لما قدم المدينة بعد الفتح أخرجه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الطائف ، وقال : لا يساكنني في بلد أبداً ؛ لأنّه كان يتظاهر بعداوة رسول الله والوقيعة فيه ، حتّى بلغ به الأمر إلى أنّه كان يعيب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في مشيه ، فطرده النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأبعده ولعنه ، ولم يبق أحد يعرفه إلاّ بأنّه طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فجاء عثمان إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وكلّمه فيه فأبى ، ثمّ جاء إلى أبي بكر وعمر في زمن ولايتهما فكلّمهما فيه ، فأغلظا عليه القول وزبراه ؛ وقال له عمر : يخرجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتأمرني أن أُدخله؟! واللهِ لو أدخلته لم آمن من قول قائل : غيّر عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! وكيف أُخالف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! فإيّاك يا ابن عفّان أن تعاودني فيه بعد اليوم!
فكيف يحسن من القاضي هذا العذر؟!
وهلاّ اعتذر به عثمان عند أبي بكر وعمر وسلِم من تهجينهما إيّاه ، وخلص من عتابهما عليه؟!
مع أنّه لمّا ردّه جاءه عليٌّ (عليه السلام) وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن ابن عوف وعمار بن ياسر ، فقالوا : إنّك أدخلت الحكم ومن معه ، وقد كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أخرجهم ، وإنّا نذكّرك اللهَ والإسلامَ ومعادَكَ ، فإنّ لك معاداً ومنقلباً ، وقد أبت ذلك الولاة قبلك ، ولم يطمع أحدٌ أن يكلِّمهما فيهم ، وهذا شيء نخاف الله فيه عليك.
فقال عثمان : إنّ قرابتهم منّي ما تعلمون ، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخرجه لكلمة بلغته عن الحكم ، ولن يضرّكم مكانهم شيئاً ، وفي الناس من هو شرٌّ منهم.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا أحد شرٌّ منه ولا منهم.