حرمتها العظيمة ، وجمع الناس قهراً على قراءة شخص لم يتّفق عليها الصحابة ، ويرى بعضهم أنّ الصواب في خلافها؟!
وذكر ابن حجر في «الصواعق» ، في تتمّة خلافة عثمان ، أجوبة المطاعن عليه ، وأشار في أثنائها إلى رواية ضربه لابن مسعود ، فقال : «إنّ حبسه لعطاء ابن مسعود وهجره له ؛ فلِما بلغه عنه ممّا يوجب ذلك ، لا سيّما وكلٌّ منهما مجتهدٌ ، فلا يُعترض بما فعله أحدُهما مع الآخر.
نعم ، زعم أنّ عثمان أمر بضربه ، باطلٌ ، ولو فُرضت صحّته لم يكن بأعظم من ضرب عمر لسعد بن أبي وقّاص بالدرّة على رأسه ، حيث لم يقم له ، وقال له : إنّك لم تهب الخلافة ، فأردت أن تعرف أنّ الخلافة لا تهابك.
ولم يتغيّر سعد من ذلك ، فابن مسعود أَوْلى ؛ لأنّه كان يجيب عثمان بما لا يبقي له حرمةً ولا أُبّهةً أصلا.
بل رأى عمر أُبيّاً يمشي وخلفه جماعةٌ ، فعلاه بالدرّة وقال : إنّ هذا فتنةٌ لك ولهم ؛ فلم يتغيّر أُبَيّ.
على أنّ عثمان جاء لابن مسعود وبالغ في استرضائه ، فقيل : قبله واستغفر له ، وقيل : لا.
وكذلك ما وقع له مع أبي ذرّ ؛ فإنّه كان متجاسراً عليه بما يخرم أُبّهةَ ولايته ، فما فعله معه ومع غيره إنّما هو صيانةٌ لمنصب الشريعة وحمايةٌ لحرمة الدين» (١).
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ١٧٦ ب ٦ ف ٣.