فكيف يُستبعد ذلك من عثمان وحمقه الذي أرداه وأورده القتل؟!
وأمّا جعل عمر له في الشورى ، فليس لحسن رأيه فيه ، كيف وهو قد تفرّس فيه أنّه يحمل أقرباءه على رقاب الناس ، وأنّه يُقتل لذلك (١)؟! ..
بل لسعي عمر في توهين الإمام الحق ، وصرف الأمر عنه بطريق لا يُنتقد في الظاهر عليه!
ثمّ إنّ الخصم إنّما أنكر الرواية التي نقلها المصنّف (رحمه الله) ، وصحّح غيرها ؛ طلباً لدفع الطعن عن عثمان بضربه لابن مسعود على دفن أبي ذرّ ، وما درى أنّه كالمستجير من الرمضاء بالنار ؛ فإنّ الرواية التي اختارها قد اشتملت على أنواع المطاعن ..
منها : دلالتها على فقر أبي ذرّ بحيث لا كفن له ، مع ملاءة بيت المال وإسراف عثمان وبني أُميّة فيه ، ودلالتها على غربته وأهله وشدّة محنة زوجته بحيث لا أنيس ولا معين ، وكلُّ ذلك بسبب عثمان.
فهل ترى أنّ الله سبحانه أحلّ ماله للوزغ الطريد وأبنائه ، وحرّمه على أبي ذرّ وأهله؟!
ومنها : إنّ قول أبي ذرّ : «أيّكم لم يُولّ شيئاً من الإمارة أو الجباية أو شيئاً من أُمور الولاية» ، دليلٌ على جور أُولئك الولاة ، وبطلان تلك الولايات ، وأنّ أُجورهم على الولاية حرامٌ ، وأموالهم من أموال الظلمة ،
__________________
وكذا ما فعله صلاح الدين بالفاطميّين عندما أفناهم وأبادهم قتلا.
انظر حوادث سنة ٥٦٧ هـ في : الخطط المقريزية ١ / ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، المنتظم ١٠ / ٥٠٥ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٣٦ ـ ٢٤٠.
(١) راجع الصفحة ٣٣٠ ، من هذا الجزء.