وأمّا الإشكال الثاني :
فهو الذي ذكره المصنّف هنا ، وحاصله :
إنّ أبا بكر إنْ كان صادقاً في أنّه ليس خيرهم ، لم يصلح للإمامة ؛ لاشتراطها بالأفضلية ، كما يقتضيه تعليل أبي بكر لاستقالته بنفي خيريّته.
وإنْ كان كاذباً لم يصلح لها أيضاً ؛ إذ لا أقلَّ من منافاة الكذب للعدالة التي هي شرط الإمامة عندهم ؛ لأنّ الكذب من الكبائر.
وأجاب ابن أبي الحديد باختيار الشقّ الأوّل ، وأنّه يجوز تقديم المفضول على الفاضل (١).
وفيه ـ مع ما حقّقناه في ما سبق من اشتراط الأفضلية (٢) ـ : إنّه مناف لتعليل أبي بكر لاستقالته بنفي خيريّته.
وأجاب بعضهم باختيار الشقّ الثاني على أن يكون كذباً في الظاهر مقصود به التواضع ، وهو لا ينافي العدالة ؛ لعدم حرمته مع هذا القصد (٣).
وفيه ـ مع عدم الدليل عليه ـ : إنّه مناف للحلف على عدم خيريّته في رواية الهروي وابن راهويه عن الحسن ، كما حكيناه عن «الكنز» قريباً ..
قال الحسن : إنّ أبا بكر خطب فقال : «أَمَا والله ما أنا بخيركم» (٤) .. الحديث.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١ / ٣ و ١٦٩.
(٢) راجع : ج ٤ / ٢٣٧ ـ ٢٤٠ ، من هذا الكتاب.
(٣) كالقوشجي في شرح تجريد الاعتقاد : ٤٨٠.
(٤) كنز العمّال ٥ / ٥٨٩ ـ ٥٩٠ ح ١٤٠٥٠ ؛ وراجع : الصفحة ٢٦ من هذا الجزء.