نعم ، هو أَوْلى بالاحتجاج عليهم لو تعلّقت صحاحهم الستّةُ بالسيرة بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإنّما تتعلّق بالأحكام ، وبالسيرة النبويّة في الجملة.
وأما دعواه اتّفاق أرباب التواريخ على أنّ عثمان ختم في الليلة التي قُتل في صبيحتها القرآنَ في الركعتين ..
فمن كذباته ، فإنّي لم أجده في تاريخ!
على أنّه كيف يختم القرآن في صلاة الصبح ـ كما يظهر من كلامه ـ والوقت لا يتّسع ، وكذا لو أراد ركعتين من صلاة الليل؟!
نعم ، لو أراد ركعتين قطع بهما الليل كان ممكناً ؛ كما روى في «الاستيعاب» ، عن امرأة عثمان : «أنّه كان يحيي الليل بركعة يجمع فيها القرآن» (١).
لكنّه كذبٌ أيضاً ؛ لأنّ عثمان لو كان يحفظ القرآن لجمع الناس على مصحفه ولم يلتجئ إلى زيد بن ثابت وغيره (٢).
مع أنّه كان كعمر ، ممّن حكي عنه سوء الحفظ ، وكثرة النسيان (٣) ؛ ولذا كان قليل العلم والرواية على طول أيامه.
كما لا ريب بوضعِ سقوطِ قطرة من دمه على قوله : (فسيكفيكهمُ
__________________
(١) الاستيعاب ٣ / ١٠٤٠.
(٢) راجع الصفحة ٤٦٥ ، من هذا الجزء.
(٣) كتعلّم عمر سورةَ البقرة في اثنتي عشرة سنة ؛ انظر : شعب الإيمان ٢ / ٣٣١ رقم ١٩٥٧.
ونسيانه عدد الركعات التي يصلّيها حتّى جعل خلفه رجلا يلقّنه ؛ انظر : مناقب عمر ـ لابن الجوزي ـ : ١٨٦.
وكذا فعل عثمان ، فجعل غلاماً خلفه يفتح عليه إذا أخطأ ؛ انظر : تاريخ دمشق ٣٩ / ٢٣٤.