نقله في «شرح النهج» (١).
نعم ، استبعد أبو عليّ تكفير عمّار لعثمان ، فقال : «وممّا يبعّد صحّة ذلك أنّ عمّاراً لا يجوز أن يكفّره ولمّا يقع منه ما يستوجب به الكفر ؛ لأنّ الذي يكفَّر به الكافر معلومٌ ؛ ولأنّه لو كان قد وقع ذلك لكان غيره من الصحابة أَوْلى بذلك ، ولوجب أن يجتمعوا على خلعه ، ولوجب أن لا يكون قتله لهم مباحاً ، بل يجب أن يقيموا إماماً ليقتله ...
إلى أن قال : وقد روي أنّ عمّاراً نازع الحسن بن عليّ ، فقال عمّار : قُتل عثمان كافراً ؛ وقال الحسن : قُتل مؤمناً ؛ وتعلّق بعضهما ببعض ، فصارا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال : ماذا تريد من ابن أخيك؟!
فقال : إنّي قلتُ كذا ، وقال كذا.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : أتكفر بربّ كان يؤمن به عثمان؟!
فسكت عمّار».
وقد يجاب بأنّ عثمان لم يكفر كفراً صريحاً مشهوراً بين الناس حتّى يجتمع المسلمون على تكفيره وخلعه ، وإنّما اتّفق مَن بالمدينة مِن أهل الأمصار والصحابة على خلعه ؛ لأحداثه الموجبة للخلع وجور ولاته ، وإن لم يُخلع قتل ، فقتلوه.
ولكن قال بعض الصحابة بكفره ، كعمّار ، فإنّ المرويّ أنّه كفّره لحكمه بغير ما أنزل الله تعالى ، واستشهد بقوله سبحانه : (ومَن لم يحكم
__________________
(١) ص ٢٣٨ مجلّد ١ [٣ / ٤٨]. منه (قدس سره).
وانظر : المغني ـ للقاضي عبد الجبّار ـ ٢٠ ق ٢ / ٥٤.