بما أنزل الله فأُولئك هم الكافرون) (١) (٢).
وما رواه أبو عليّ من تنازع الحسن وعمّار ، فهو غيرُ دافع لتكفير عمار لعثمان ، بل هو دليلٌ له.
وهو ـ أيضاً ـ لا يدلّ على عدم تكفير أمير المؤمنين (عليه السلام) له ؛ لأنّ الكفر لا ينحصر بإنكار الله تعالى (٣).
بل عدول أمير المؤمنين (عليه السلام) عن التصريح بإيمان عثمان إلى قوله : «أتكفر بربّ كان يؤمن به عثمان؟!» شاهدٌ بصحّة قول عمّار ، وإنّما لم يوافقه ظاهراً لجهة راعاها ، وهي التي دعت الحسن (عليه السلام) إلى خلاف عمّار ، وقد فهمها عمّار فسكت ، وإلاّ فهو إنّما يقول بكفره ؛ لأنّه يحكم بغير ما أنزل الله ، لا لأنّه لم يؤمن بالله حتّى يردّه كلامُ أميرِ المؤمنين (عليه السلام)!
وأما ما ذكره الخصم من رواية : «ما على عثمان ما فعل بعد اليوم» ..
فليست حجةً علينا ، وقد عرفتَ بطلانها معنىً ، وضعفها سنداً ، عندما ذكرها الخصمُ في فضائله (٤).
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٤٤.
(٢) شرح نهج البلاغة ٣ / ٥٠ ـ ٥١.
وانظر : الشافي ٤ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ، تفسير العياشي ١ / ٣٥٢ ح ١٢٣.
(٣) فإنّ الكفر له أنواع كثيرة ، منها : الشرك بالله تعالى فهو كفرٌ ، أو إثبات شريك للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في نبوّته ، أو نبيّ من بعده كالإيمان بنبوّة مسيلمة الكذّاب ، أو إنكار أصل من أُصول الدين أو فروعه أو إحدى ضروريات الدين ممّا يرجع إلى تكذيب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ وغيرها.
(٤) راجع ما ذكره الفضل في الصفحة ٣٦٨ ، وردّ الشيخ المظفّر (قدس سره) عليه في الصفحات ٤٠٤ ـ ٤٠٧ و ٤٤٥ ، من هذا الجزء.