فأخرجه إليها.
فكان أبو ذرّ ينكر على معاوية أشياء يفعلها ، فبعث إليه معاوية بثلاثمئة دينار ، فردّها عليه.
وكان أبو ذرّ يقول : والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها ، والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيّه.
والله إنّي لأرى حقّاً يُطفأ ، وباطلا يُحيا ، وصادقاً مكذَّباً ، وأثرةً بغير تقى ، وصالحاً مستأثَراً عليه.
فقال حبيب بن مسلمة الفهري (١) لمعاوية : إنّ أبا ذرّ لَمُفسدٌ عليكم الشام ، فتدارك أهلَه إن كان لك فيه حاجة.
فكتب معاوية إلى عثمان فيه ، فكتب عثمان إلى معاوية : أمّا بعد ، فاحمل جُندباً إليّ على أغلظ مركب وأوعره.
فوجّهه مع مَن سار به ليلا ونهاراً ، وحمله على بعير ليس عليه إلاّ قتبٌ ، حتّى قدم المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد.
فبعث إليه عثمان ، وقال له : إلحق بأيّة أرض شئت!
فقال أبو ذرّ : بمكة؟
قال : لا.
قال : ببيت المقدس؟
__________________
(١) هو : حبيب بن مَسْلَمة بن مالك الأكبر بن وهب بن ثعلبة الفِهري القرشي ، توفّي النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وله ١٢ عاماً ، ولم يسمع من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولم يغز معه شيئاً ، كان مع معاوية في صِفّين ، ولم يزل معه حتّى ولاّه أرمينية ، وتوفّي بها سنة ٤٢ هـ ، وقيل : توفّي بدمشق ولم يبلغ الخمسين عاماً.
انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٧ / ٢٨٧ رقم ٣٧٢٥ ، أُسد الغابة ١ / ٤٤٨ رقم ١٠٦٨ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ١٨٨ رقم ٣٧.