عن محمّد بن عون ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، قال : «كان أبو ذرّ يختلف من الربذة إلى المدينة مخافة الأعرابيّة ، وكان يحبُّ الوحدة والخلوة ، فدخل على عثمان وعنده كعب الأحبار ، فقال لعثمان : لا ترضوا من الناس بكفّ الأذى حتّى يبذلوا المعروف ، وقد ينبغي للمؤدّي الزكاة أن لا يقتصر عليها حتّى يُحسن إلى الجيران والإخوان ويصل القرابات.
فقال كعب : مَن أدّى الفريضة فقد قضى ما عليه.
فرفع أبو ذرّ محجنه ، فضربه ، فشجّه» .. الحديث.
واعلم أنّ الطبريّ إنّما اقتصر على هذا الحديث ونحوه ، لا لصحّتها عنده ، بل لكراهة أن يذكر ما فيه طعنٌ بعثمان ومعاوية ؛ فإنّه قال في ابتداء كلامه : «وفي هذه السنة ـ أعني سنة ٣٠ ـ كان ما ذُكر من أمر أبي ذرّ ومعاوية ، وإشخاص معاوية إياه من الشام إلى المدينة ، وقد ذُكر في سبب إشخاصه إياه منها إليها أُمورٌ كثيرةٌ ، كرهتُ ذِكر أكثرها.
فأمّا العاذرون معاوية في ذلك ، فإنّهم رووا في ذلك قصّةً كتب إليّ بها السَّرِيّ».
ثمّ قال في آخر كلامه : «وأمّا الآخرون ، فإنّهم رووا في سبب ذلك أشياء كثيرة ، وأُموراً شنيعةً ، كرهت ذِكرها» (١).
أقول :
الظاهر أنّ هذه الأُمور من نحو ما ذكره المرتضى (رحمه الله) (٢).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ٦١٥ ـ ٦١٦.
(٢) انظر : الشافي ٤ / ٢٩٣ ـ ٢٩٩.