ومن السخف قول الخصم : «و [أنّه] لمّا دفع الأنصار عن الخلافة كان تقواه تدعو إلى طلب النصّ» ؛ فإنّ من تدعوه تقواه إلى طلب النصّ ويتشوّق إلى معرفته ، كيف لا تدعوه إلى التوقّف عن الخلافة حدوثاً واستمراراً ، وعن تعيين عمر بعده؟!
وأمّا ما ذكره مِن أنّ حديث : «الأئمّة من قريش» لم يروه أبو بكر ..
فصحيح ؛ إذ لم يروه هو ولا غيره يوم السقيفة ، وإنّما قالوا : «إنّ قريشاً عشيرة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والعرب لا تطيع سواهم ، ولا يصلح هذا الأمر إلاّ لقريش ؛ أو نحو ذلك ، من دون أن يرووه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما سبق بيانه في المبحث الثالث من مباحث الإمامة (١).
لكن لا ريب أنّ أبا بكر وأعوانه دفعوا الأنصار بشيء ، فإنْ كان حقاً فكيف حصل الشكّ؟!
وإنْ كان باطلا ، فقد دفع بالباطل ، كما ذكره المصنّف (رحمه الله).
ودعوى عروض الشكّ له أخيراً في ما كان يراه حقاً تستدعي أن لا يستمرّ على الخلافة ، وأن لا يعقدها لعمرَ بعده.
وأمّا قوله : «وكان هو لا يعتمد على خبر الواحد» ..
فهو أَوْلى بتقريع أبي بكر ، فإنّه اعتمد على ما ليس حجّةً ، ودفع الأنصار عن دعواهم بلا برهان!
__________________
(١) راجع : ج ٤ / ٢٦٩ ـ ٢٧٠ ، من هذا الكتاب.