وروى الحاكم ، عن عبادة ، نحو هذا الخبر الذي أخبر به عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بين ظهريّ الناس (١).
فيا رحمَ الله عبادة ، ولقّاه رحمةً ورضواناً ، كأنّه أبو ذرّ في إنكاره المنكَر ، وابتلائه ببني أُميّة.
لكنّه نال في الجملة من عمر أن لا إمرة لمعاوية عليه ، وإن لم يعزل معاوية عن سلطانه الذي تسلّط به على المنكَرات ، وعزّ على عبادة مساكنته معها ، وكان حقاً على عمر أن يعزل معاوية لأجلها.
وقد أراد عبادةُ بروايته المذكورة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أنّ عثمان ومعاوية من الولاة الذي يأمرون بالمنكَر ، وينكرون المعروف ، وأنّهم عصاة لله لا طاعة لهم ؛ وهذا من أكبر الطعن بعثمان.
كما أنّ قول عثمان : «ما لنا ولك؟!» ، دالٌّ على أنّ إنكار عبادة للمنكَر مناف لسلطانه ، ومضرٌّ بشؤونه!
ثمّ إنّ دعوى الخصم اتّفاق جميع المفسّرين على نزول الآية في عبادة وابن سلول ..
كاذبةٌ ؛ لِما في «الدرّ المنثور» ، عن ابن جرير ، وابن المنذر ، عن عكرمة ـ الذي هو من أكبر مفسّريهم ـ أنّه قال في جملة كلام له في تفسير الآية : «كان طلحة والزبير يكاتبان النصارى وأهل الشام» (٢).
وفيه ـ أيضاً ـ ، عن ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السُدِّي ، نحو ما ذكره المصنّف (رحمه الله) ، إلاّ أنّه لم يسمّ الرجلين اللذين خافا أن يدال اليهود
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٠١ ح ٥٥٢٨.
(٢) الدرّ المنثور ٣ / ٩٩.