فمع أنّه لا يدلّ على مطلوبه ، قد مرّ مراراً أنّه للتأليف (١) ، وأنّه على ذمّهما أدلّ ، وكلّ مشورة تقع من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إنّما تكون للتأليف ، والاستصلاح ، أو للتعليم والتأديب ، أو لاستعلام ما في نفس المستشار ، أو نحو ذلك (٢).
وأما ما نقله عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ؛ فهو أكذب من سوابقه ، ولا سيّما قوله : «وقلتُ أنا وأبو بكر وعمر» ، فإنّه من إضافات هذا الخصم على رواياتهم ، فهو كذبٌ على كذب ؛ إذ لا وجود له في أصل الرواية التي رواها البخاري ومسلم في مناقب عمر (٣).
وكيف يمكن أن يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك على سبيل العادة ، إلاّ أن يكونا شريكين له في النبوّة ، أو قيّده نقصانُ رأيه بهما؟! حاشا عظيمِ مقامه!! (٤).
__________________
(١) راجع : ج ٦ / ٤١٨ ـ ٤١٩ من هذا الكتاب ، والصفحة ٣١ من هذا الجزء.
(٢) انظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٩٦ ، تفسير الكشّاف ١ / ٤٧٤ ـ ٤٧٥ ، زاد المسير ١ / ٣٩٠ ـ ٣٩١ ، فتح القدير ١ / ٣٩٣ ـ ٣٩٤.
(٣) صحيح البخاري ٥ / ٧٤ ـ ٧٥ ح ١٧٤ وص ٧٧ ح ١٨١ ، صحيح مسلم ٧ / ١١٢ ، وانظر : السنة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٥٩ ح ١٢١٠ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٧١ ح ٤٤٢٧ ، كنز العمّال ١٣ / ٧ ح ٣٦٠٩٢.
(٤) ردّ الشيخ المظفّر (قدس سره) هذا إنّما هو باعتبار قراءة الفعل «قلتُ» بضمّ القاف ، من «القول».
ولو قرئ الفعل بكسر القاف «قِلتُ» ، فهو فعل ماض للمتكلّم مِن : قالَ يَقيلُ قيلُولةً ، فهو قائل ؛ والقيلُولة : هي النوم في الظهيرة ، أو الاستراحة نصفَ النهار وإنْ لم يكن معها نوم [انظر : لسان العرب ١١ / ٣٧٤ مادّة «قيل»] ، فهو كذلك من وضع الفضل ؛ إذ لم ترد به الرواية.
وكيف كان ، فإنّ المقصود من وضع هذا الحديث وأمثاله ليس إلاّ زعم أنّه متى