ولا شكّ بكذبه ؛ لأمرين :
الأوّل : إنّه لم يُسمع أن تكون الملائكة وزراء للأنبياء ـ ولا سيّما على وجه الكلّية ـ ، ولو كان الأمر كذلك لاستفاض نقله ، وما خفي حاله ؛ لكونه من العجائب.
الثاني : إنّ صحاحهم جاءت بقول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ (عليه السلام) : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» ؛ فيكون وزيراً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (١).
فإذا خصّت رواية الترمذي الوزارة بالشيخين ، كانت كاذبةً جزماً ؛ لمعارضتها بالقطعي.
وأمّا قوله : «لا يصدر في شيء ولا يقدم على أمر إلاّ عن رأيه ومشورته» ..
فمن الكذب الظاهر أيضاً ، بل الموجب للكفر ؛ لإفادته النقص في سيّد النبيّين!
فأيّ نقص فيه أعظم من نسبته إلى الحاجة إلى أبي بكر حتّى يلقّنه في كلّ شيء ، ويوقفه على كلّ أمر؟!
على أنّ المنشأ في هذا الزعم إنْ كان هو دعوى الوزارة ، فقد عرفت منعها ، مع أنّها لا تقتضيه.
وإنْ كان ما رووه في نزول قوله تعالى : (وشاورهم في الأمر) (٢) بأبي بكر وعمر (٣) ..
__________________
(١) راجع مبحث حديث المنزلة في : ج ٦ / ٨٠ ـ ٨٨ ، من هذا الكتاب.
(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٥٩.
(٣) انظر : الدرّ المنثور ٢ / ٣٥٩ ، وقد مرّ تخريج ذلك مفصلا في ج ٦ / ٤١٨ ، من هذا الكتاب ؛ فراجع!