التّافه (١) لإحكامك الكثير المهمّ ، فلا تشخص همّك عنهم (٢) ولا تصعّر خدّك لهم ، وتفقّد أمور من لا يصل إليك منهم ممّن تقتحمه العيون (٣) وتحقره الرّجال ، ففرّغ لأولئك ثقتك (٤) من أهل الخشية والتّواضع ، فليرفع إليك أمورهم ، ثمّ اعمل فيهم بالإعذار إلى اللّه يوم تلقاه (٥) ، فإنّ هؤلاء من بين الرّعيّة أحوج إلى الإنصاف من غيرهم ، وكلّ فأعذر إلى اللّه فى تأدية حقّه إليه ، وتعهّد أهل اليتم وذوى الرّقّة فى (٦) السّن ممّن لا حيلة له ، ولا ينصب للمسألة نفسه ، وذلك على الولاة ثقيل [والحقّ كلّه ثقيل] وقد يخفّفه اللّه على أقوام طلبوا العاقبة فصبّروا أنفسهم ، ووثقوا بصدق موعود اللّه لهم.
واجعل لذوى الحاجات منك قسما (٧) تفرّغ لهم فيه شخصك ، وتجلس لهم
__________________
(١) التافه : القليل لا تعذر بتضييعه إذا أحكمت وأنفقت الكثير المهم.
(٢) «لا تشخص» أى : لا تصرف همك ـ أى : اهتمامك ـ عن ملاحظة شؤونهم ، و «صعر خده» أماله إعجابا وكبرا
(٣) تقتحمه العين : تكره أن تنظر إليه احتقارا.
(٤) «فرغ» أى : اجعل للبحث عنهم أشخاصا يتفرغون لمعرفة أحوالهم يكونون ممن تثق بهم ، يخافون اللّه ويتواضعون لعظمته لا يأنفون من تعرف حال الفقراء ليرفعوها إليك
(٥) «بالاعذار إلى اللّه» أى : بما يقدم لك عذرا عنده
(٦) «ذوو اليتم» : الأيتام. وذوو الرقة فى السن : المتقدمون فيه
(٧) «لذوى الحاجات» أى : المتظلمين تتفرغ لهم فيه بشخصك للنظر فى مظالمهم