كتّابك (١) ، ومنها إصدار حاجات النّاس يوم ورودها عليك بما تحرج به صدور أعوانك (٢) ، وأمض لكلّ يوم عمله ، فإنّ لكلّ يوم ما فيه ، واجعل لنفسك فيما بينك وبين اللّه أفضل تلك المواقيت ، وأجزل تلك الأقسام (٣) وان كانت كلّها للّه إذا صلحت فيها النّيّة ، وسلمت منها الرّعيّة.
وليكن فى خاصّة ما تخلص به للّه دينك : إقامة فرائضه الّتى هى له خاصّة فأعط اللّه من بدنك فى ليلك ونهارك ، ووفّ ما تقرّبت به إلى اللّه من ذلك كاملا غير مثلوم ولا منقوص (٤) بالغا من بدنك ما بلغ ، وإذا قمت فى صلاتك للنّاس فلا تكوننّ منفّرا ولا مضيّعا (٥) فإنّ فى النّاس من به العلّة وله الحاجة. وقد سألت رسول اللّه ، صلى اللّه عليه وآله وسلم ، حين وجّهنى إلى اليمن كيف أصلّى بهم؟ فقال «صلّ بهم كصلاة أضعفهم ، وكن بالمؤمنين رحيما» وأمّا بعد ، فلا تطوّلنّ احتجابك عن رعيّتك ، فانّ احتجاب الولاة عن
__________________
(١) يعيا : يعجز
(٢) حرج يحرج ـ من باب تعب ـ : ضاق ، والأعوان تضيق صدورهم بتعجيل الحاجات ، ويحبون المماطلة فى قضائها : استجلابا للمنفعة ، أو إظهارا للجبروت
(٣) أجزلها : أعظمها
(٤) «غير مثلوم» : أى : غير مخدوش بشىء من التقصير ولا مخروق بالرياء ، و «بالغا» حال بعد الأحوال السابقة ، أى : وإن بلغ من إتعاب بدنك أى مبلغ
(٥) التنفير : بالتطويل ، والتضييع : بالنقص فى الأركان ، والمطلوب التوسط