يربّى الفلو مع غنائهم بأيديهم السّباط وألسنتهم السّلاط (١)
٤٦٦ ـ وقال عليه السلام : العين وكاء السه (٢) قال الرضى : وهذه من الاستعارات العجيبة ، كأنه يشبه السه بالوعاء ، والعين بالوكاء ، فإذا أطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء ، وهذا القول فى الأشهر الأظهر من كلام النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وقد رواه قوم لأمير المؤمنين عليه السلام ، وذكر ذلك المبرد فى كتاب «المقتضب» فى باب «اللفظ بالحروف» وقد تكلمنا على هذه الاستعارة فى كتابنا الموسوم ب «محاذات الآثار النبوية»
٤٦٧ ـ وقال عليه السلام : فى كلام له : ووليهم وال فأقام واستقام ، حتّى ضرب الدّين بجرانه (٣).
__________________
(١) «ربوا» من التربية والانماء ، والفلو ـ بالكسر ، أو بفتح فضم فتشديد ، أو بضمتين فتشديد ـ المهر إذا فطم أو بلغ السنة ، والغناء ـ بالفتح ممدودا ـ : الغنى ، أى : مع استغنائهم ، و «بأيديهم» متعلق بربوا ، ويقال : رجل سبط اليدين ـ بالفتح ـ أى : سخى والسباط ـ ككتاب ـ جمعه ، والسلاط : جمع سليط وهو الشديد واللسان الطويل
(٢) السه ـ بفتح السين وتخفيف الهاء ـ : العجز ، ومؤخر الانسان ، والعين الباصرة. وإنما جعل العجز وعاء لأن الشخص إذا حفظ من خلفه لم يصب من أمامه فى الأغلب ، فكأنه وعاء الحياة والسلامة إذا حفظ حفظنا ، والباصرة وكاء ذلك الوعاء ، أى : رباطه ، لأنها تلحظ ما عساه يصل إليه فتنبه العزيمة لدفعه والتوقى منه ، فاذا أهمل الانسان النظر إلى مؤخرات أحواله أدركه العطب. والكلام تمثيل لفائدة العين قى حفظ الشخص مما قد يعرض عليه من خلفه ، وأنها لا تختلف عن فائدتها فى حفظه مما يستقبله من أمامه وإرشاده إلى وجوب التبصر فى مظنات الغفلة ، وهذا هو المحمل اللائق بمقام النبى صلى اللّه عليه وسلم أو مقام أمير المؤمنين.
(٣) الجران ـ ككتاب ـ مقدم عنق البعير ، يضرب على الأرض عند الاستراحة كناية عن التمكن. والوالى يريد به النبى صلى اللّه عليه وسلم : و «وليهم» أى : تولى أمورهم وسياسة الشريعة فيهم ، وقال قائل : يريد به عمر بن الخطاب.