وقلت : «إنّى كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتّى أبايع (١) ، ولعمر اللّه لقد أردت أن تذمّ فمدحت ، وأن تفضح فافتضحت! وما على المسلم من غضاضة فى أن يكون مظلوما (٢) ما لم يكن شاكّا فى دينه ، ولا مرتابا بيقينه ، وهذه حجّتى إلى غيرك قصدها (٣) ، ولكنّى أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذكرها.
ثمّ ذكرت ما كان من أمرى وأمر عثمان ، فلك أن تجاب عن هذه لرحمك منه (٤) فأيّنا كان أعدى له (٥) ، وأهدى إلى مقاتله ، أمن بذل له نصرته فاستقعده واستكفّه (٦)؟ أمّن استنصره فتراخى عنه وبثّ المنون إليه (٧)
__________________
(١) الخشاش ـ ككتاب ـ : ما يدخل فى عظم أنف البعير من خشب لينقاد ، وتقول : خششت البعير ، إذا جعلت فى أنفه الخشاش ، طعن معاوية على الامام بأنه كان يجبر على مبايعة السابقين من الخلفاء
(٢) الغضاضة : النقص
(٣) يحتج الامام على حقه لغير معاوية لأنه مظنة الاستحقاق ، أما معاوية فهو منقطع عن جرثومة الأمر فلا حاجة للاحتجاج عليه. و «سنح» أى : ظهر وعرض
(٤) لقرابتك منه يصح الجدال معك فيه
(٥) أعدى : أشد عدوانا ، والمقاتل : وجوه القتل
(٦) من بذل النصرة هو الامام ، و «استقعده عثمان» أى : طلب قعوده ولم يقبل نصره.
(٧) استنصر عثمان بعشيرته من بنى أمية كمعاوية فخذلوه وخلوا بينه وبين الموت فكأنما بثوا المنون ، أى : أفضوا بها إليه