وحفظ ما فى الوعاء بشدّ الوكاء ، وحفظ ما فى يديك أحبّ إلىّ من طلب ما فى يد غيرك (١). ومرارة اليأس خير من الطّلب إلى النّاس ، والحرفة مع العفّة خير من الغنى مع الفجور ، والمرء أحفظ لسرّه (٢). وربّ ساع فيما يضرّه (٣)! من أكثر أهجر (٤) ، ومن تفكّر أبصر! قارن أهل الخير تكن منهم ، وباين أهل الشّرّ تبن عنهم! بئس الطّعام الحرام ، وظلم الضّعيف أفحش الظّلم. إذا كان الرّفق خرقا كان الخرق رفقا (٥). ربّما كان الدّواء داء والدّاء دواء ، وربّما نصح غير النّاصح وغشّ المستنصح (٦). وإيّاك واتّكالك على المنى
__________________
الغرض أو إنالة الوطر ، وإدراك ما فات : هو اللحاق به لأجل استرجاعه ، و «فات» أى : سبق إلى غير صواب ، وسابق الكلام لا يدرك فيسترجع ، بخلاف تقصير السكوت فسهل تداركه ، وإنما يحفظ الماء فى القربة مثلا بشد وكائها ـ أى : رباطها ـ وإن لم يشد الوكاء صب فى الوعاء ولم يكن إرجاعه ، فكذلك اللسان
(١) إرشاد للاقتصاد فى المال
(٢) فالأولى عدم إباحته لشخص آخر وإفشائه
(٣) قد يسعى الانسان بقصد فائدته فينقلب سعيه بالضرر عليه لجهله أو سوء قصده
(٤) أهجر إهجارا وهجرا ـ بالضم ـ هذى فى كلامه ، وكثير الكلام لا يخلو من الاهجار
(٥) إذا كان المقام يلزمه العنف فيكون إبداله بالرفق عنفا ، ويكون العنف من الرفق ، وذلك كمقام التأديب وإجراء الحدود مثلا ، والخرق ـ بالضم ـ العنف
(٦) المستنصح ـ على زنة اسم المفعول ـ المطلوب منه النصح ، فيلزم التفكر والتروى فى جميع الأحوال ، لئلا يروج غش أو تنبذ نصيحة