اتّكالا على ما بينك وبينه ، فإنّه ليس لك بأخ من أضعت حقّه ، ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك ، ولا ترغبنّ فيمن زهد عنك ، ولا يكوننّ أخوك على مقاطعتك أقوى منك على صلته (١) ولا يكوننّ على الاساءة أقوى منك على الإحسان ، ولا يكبرنّ عليك ظلم من ظلمك ، فانّه يسعى فى مضرّته ونفعك ، وليس جزاء من سرّك أن تسوءه.
واعلم ، يا بنىّ ، أنّ الرّزق رزقان : رزق تطلبه ، ورزق يطلبك ، فإن أنت لم تأته أتاك. ما أقبح الخضوع عند الحاجة والجفاء عند الغنى. إنّ لك من دنياك ما أصلحت به مثواك (٢) ، وإن جزعت على ما تفلّت من يديك (٣) فاجزع على كلّ ما لم يصل إليك. استدلّ على ما لم يكن بما قد كان [فإنّ الأمور أشباه] ، ولا تكوننّ ممّن لا تنفعه العظة إلاّ إذا بالغت فى إيلامه ، فإنّ العاقل يتّعظ بالآداب ، والبهائم لا تتّعظ إلاّ بالضّرب. اطرح عنك
__________________
(١) مراده إذا أتى أخوك بأسباب القطيعة فقابلها بموجبات الصلة حتى تغلبه ، ولا يصح أن يكون أقدر على ما يوجب القطيعة منك على ما يوجب الصلة ، وهذا أبلغ قول فى لزوم حفظ الصداقة
(٢) منزلتك من الكرامة فى الدنيا والآخرة
(٣) تفلت ـ بتشديد اللام ـ أى : تملص من اليد فلم تحفظه. فالذى يجزع على ما فاته كالذى يجزع على ما لم يصله. والثانى لا يحصر فينال ، فالجزع عليه غير لائق ، فكذا الأول