واردات الهموم بعزائم الصّبر وحسن اليقين ، من ترك القصد جار (١) ، والصّاحب مناسب (٢) والصّديق من صدق غيبه (٣) والهوى شريك العناء (٤) ، ربّ قريب أبعد من بعيد ، وربّ بعيد أقرب من قريب ، والغريب من لم يكن له حبيب. من تعدّى الحقّ ضاق مذهبه ، ومن اقتصر على قدره كان أبقى له. وأوثق سبب أخذت به سبب بينك وبين اللّه ، ومن لم يبالك فهو عدوّك (٥) قد يكون اليأس إدراكا إذا كان الطّمع هلاكا. ليس كلّ عورة تظهر ، ولا كلّ فرصة تصاب ، وربّما أخطأ البصير قصده ، وأصاب الأعمى رشده. أخّر الشّرّ فإنّك إذا شئت تعجّلته (٦) وقطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل. من أمن الزّمان خانه ، ومن أعظمه أهانه (٧)! ليس كلّ من رمى أصاب ، إذا تغيّر السّلطان تغيّر الزّمان ، سل عن الرّفيق قبل الطّريق ، وعن الجار قبل الدّار. إيّاك أن تذكر من الكلام ما كان مضحكا ، وإن حكيت
__________________
(١) القصد : الاعتدال ، وجار : مال عن الصواب
(٢) يراعى فيه ما يراعى فى قرابة النسب
(٣) الغيب : ضد الحضور ، أى : من حفظ لك حقك وهو غائب عنك
(٤) الهوى : شهوة غير منضبطة ولا مملوكة بسلطان الشرع والأدب ، والعناء : الشقاء ، ويروى «والهوى شريك العمى»
(٥) «لم يبالك» أى : لم يهتم بأمرك بالتيه ، و «باليت به» أى : راعيته واعتنيت به
(٦) لأن فرص الشر لا تنقضى لكثرة طرقه وطريق الخير واحد ، وهو الحق.
(٧) من هاب شيئا سلطه على نفسه