ذلك عن غيرك ، وإيّاك ومشاورة النّساء ، فانّ رأيهنّ إلى أفن وعزمهنّ إلى وهن (١) واكفف عليهنّ من أبصارهنّ بحجابك إيّاهنّ ، فانّ شدّة الحجاب أبقى عليهنّ ، وليس خروجهنّ بأشدّ من إدخالك من لا يوثق به عليهنّ (٢) وإن استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل ، ولا تملّك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها ، فانّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة (٣) ولا تعد بكرامتها نفسها ، ولا تطمعها فى أن تشفع بغيرها ، وإيّاك والتّغاير فى غير موضع غيرة (٤) ، فانّ ذلك يدعو الصّحيحة إلى السّقم ، والبريئة إلى الرّيب ، واجعل لكلّ إنسان من خدمك عملا تأخذه به ، فانّه أحرى أن لا يتواكلوا فى خدمتك (٥) وأكرم عشيرتك فانّهم جناحك الّذى به تطير ، وأصلك الّذى إليه تصير ، ويدك الّتى بها تصول.
__________________
(١) الأفن ـ بالفتح وبالتحريك ـ : ضعف الرأى ، والوهن : الضعف
(٢) أى : إذا أدخلت على النساء من لا يوثق بأمانته فكأنك أخرجتهن إلى مختلط العامة ، فأى فرق بينهما؟
(٣) القهرمان : الذى يحكم فى الأمور ويتصرف فيها بأمره ، ولا تعد ـ بفتح فسكون ـ أى : لا تجاوز باكرامها نفسها فتكرم غيرها بشفاعته ، أين هذه الوصية من حال الذين يصرفون النساء فى مصالح الأمة؟ بل ومن يختص بخدمتهن كرامة لهن؟
(٤) التغاير : إظهار الغيرة على المرأة بسوء الظن فى حالها من غير موجب
(٥) يتواكلوا : يتكل بعضهم على بعض