زيد فى فسحتها ، وأوسعت يدا حافرها لأضغطها الحجر والمدر (١) ، وسدّ فرجها التّراب المتراكم ، وإنّما هى نفسى أروضها بالتّقوى (٢) لتأتى آمنة يوم الخوف الأكبر ، وتثبت على جوانب المزلق (٣) ، ولو شئت لاهتديت الطّريق (٤) إلى مصفّى هذا العسل ولباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ ، ولكن هيهات أن يغلبنى هواى ، ويقودنى جشعى (٥) إلى تخيّر الأطعمة ولعلّ بالحجاز أو اليمامة (٦) من لا طمع له فى القرص ، ولا عهد له بالشّبع!! أو أبيت مبطانا وحولى بطون غرثى ، وأكباد حرّى!! أو أكون كما قال القائل :
وحسبك داء أن تبيت ببطنة (٧) |
|
وحولك أكباد تحنّ إلى القدّ! |
__________________
(١) أضغطها : جعلها من الضيق بحيث تضغط وتعصر الحال فيها.
(٢) أروضها : أذللها.
(٣) المزلق ـ ومثله المزلقة ـ موضع الزلة ، وهو المكان الذى تخشى فيه الزلة ، وهو الصراط ، وتقول : زلقت رجله ـ من باب طرب ـ وأزلقها غيره.
(٤) كان ـ كرم اللّه وجهه ـ إماما عالى السلطان واسع الامكان ، فلو أراد التمتع بأى اللذائذ شاء لم يمنعه مانع ، وهو قوله «لو شئت لاهتديت الخ» والقز : الحرير.
(٥) الجشع : شدة الحرص.
(٦) جملة «ولعل ـ الخ» : حالية عمل فيها تخير الأطعمة ، أى : هيهات أن يتخير الأطعمة لنفسه والحال أنه قد يكون بالحجاز أو اليمامة من لا يجد القرص ، أى : الرغيف ، ولا طمع له فى وجوده لشدة الفقر ، ولا يعرف الشبع. وهيهات أن يبيت مبطانا ـ أى : ممتلئ البطن ـ والحال أن حوله بطونا غرثى ـ أى : جائعة ـ وأكبادا حرى ، مؤنث حران ، أى : عطشان.
(٧) البطنة ـ بكسر الباء ـ : البطر والأشر والكظة ، والقد ـ بالكسر ـ سير من جلد غير مدبوغ ، أى : إنها تطلب أكلا ولا تجده.